أثارت فتوى د. محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر بحسب صحيفة - المدينة - المجيزة لإجهاض المغتصبة، جدلا واسعاً بين العلماء، ما بين مؤيد ومعارض، ولكل فريق حججه وأسانيده الشرعية، فالفريق المؤيد يرى أن هذا جائز باعتبار ذلك فيه ستر للمرأة وتخليص لها من آلامها النفسية ، وهذا لا تعارضه الشريعة الإسلامية، بينما يرى الفريق المعارض أن عملية الإجهاض في أي وقت تعتبر قتلا للنفس البشرية التي حرم الله قتلها إلا بالحق ولم يرد في هذا دليل شرعي يجيز إجهاض ابن الزنا. وقد جاء في حيثيات شيخ الأزهر في فتواه تأكيد أن المغتصبة من حقها أن تجهض نفسها خلال الشهر الأول من الحمل حماية لشرفها وكرامتها، وأنها لا تتحمل أي وزر إزاء تخلصها من ثمرة هذه الجريمة الوحشية، ولا تعتبر بأي حال من الأحوال قاتلة للنفس التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق، وذلك استنادا لإقرار قواعد الشريعة الإسلامية بمبدأ الأعذار الشرعية،وهذا الحكم الشرعي يستلزم لتحققه أن تكون ضحية الاغتصاب قد بذلت ما تستطيع للدفاع عن نفسها، والحيلولة دون أن ينال منها الجاني، وإن الإجهاض هنا يندرج تحت مبدأ «الحق» الذي يجيز قتل النفس البشرية، وهو استثناء لا يتجاوز حالة المغتصبة إلى غيرها ممن ترتكب جريمة الزنا وتحمل سفاحا. وفي تعليقه على الفتوى يقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية إنه يجوز إجهاض المغتصبة حقيقة وليس حكما «أي ليس التي تحمل من زنا» ،مؤكدا أن الأنثى أو المرأة المغتصبة تم الاعتداء عليها بالقوة ورغما عن إرادتها وبالتالي فإن تخلصها من الحمل نتيجة للاغتصاب يجوز لأنها إذا صبرت حتى تضع هذا الجنين الذي جاء نتيجة للاغتصاب سيكون هذا المولود ليس مرحبا به في المجتمع الذي تعيش فيه هذه المرأة المغتصبة، فضلا عن كونه وصمة عار لها، وإضافة إلى ذلك سيجعلها تعيش في مأساة دائمة نتيجة لتذكرها ظروف الاغتصاب وما تعرضت له من امتهان لكرامتها وبالتالي فإن تخلص المرأة المغتصبة من الحمل الناتج عن عملية الاغتصاب جائز وتكون قد ارتكبت بذلك أخف الضررين. ومن جانبها تقول د.آمنة نصير العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بنات بجامعة الأزهر وعضو لجنة المرأة بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية،فتوى شيخ الأزهر متسقة مع التعاليم الشرعية لأن الفتاة المغتصبة رغما عنها نتيجة الاختطاف أو الدخول عليها في بيتها هذه الفتاة قتلت نفسا وجسدا وحسا، ولابد أن يرفع عنها ذلك الأذى وهذا النجس لان ثمرة الاغتصاب ثمرة نجسة لأنها جاءت بطريق الخطأ والنجس ولم تأت عن الطريق الشرعي الذي يتوافر فيه مقومات الزواج الصحيح،وتؤكد على وجوب التخلص من تلك الثمرة فورا وذلك لرفع الأذى الرهيب عن تلك الفتاة ويكفيها ما أصابها وأصاب أهلها من الضياع والفضيحة، فكيف أضيف لهذا المستقبل الأسود إنساناً ضائعاً ولم يتم نسبه ومن يكفله فهذه الثمرة تأتي للضياع، وإن لفتوى شيخ الأزهر أدلتها في الفقه الإسلامي فعلماء المالكية أجازوا الإجهاض المبكر لثمرة الاغتصاب لان الجنين في تلك الفترة يكون في طور البدء ولم تدب فيه الروح التي حرم الله قتلها. أما د.منيع عبد الحليم العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر فيرفض هذه الفتوى جملة وتفصيلاً،ويقول انه لا يجوز في الإسلام علاج آثار مشكلة أو جريمة بجريمة أكبر منها فحادثة الاغتصاب إذا نتج عنها جنين لا يجوز قتل هذا الجنين منذ أول يوم في الحمل به، فهذا يسمى قتلاً وهو أفظع من جريمة الاغتصاب ومن آثارها، وكون أن هناك ضعفاً في الأجهزة المعنية بحماية فتياتنا في الشوارع والبيوت فلا يجب مداراة عجز وتقصير تلك الأجهزة بتحليل االحرام شرعا. ويشير د.منيع إلى أن الاغتصاب جريمة ولكن الإجهاض أيضا جريمة ولا تجوز في الإسلام،وإن البناء الإنساني للجنين يبدأ في رحم الأم منذ إطلاق الحيوان المنوي مع بويضة المرأة فلا يجب قتل ذلك الجنين ولا يباح إجهاضه في الإسلام تحت أي ظرف،أما ما يتعلق بأمور النسب والكفالة لذلك المولود فيما بعد فيقرره القضاء وهو الذي يقدر الأمور بالنسبة له بناء على القوانين المعمول بها. ويؤكد الداعية الإسلامي الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية إن الفتوى بجواز إجهاض المرأة المغتصبة باطلة ولا تأصيل لها في الفقه الإسلامي مستدلا على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة»،وإن الحمل الذي جاء من ماء هدر «أي ماء الزنا» أو عن طريق الاغتصاب فإن الذي خلقه وهو الله جل في علاه والله الذي حرمه، ولو شاء الله ما كان جعل من هذا الماء القذر إنسانا وبالتالي لابد أن تجرى عليه أحكام الإسلام، فهذا الجنين الذي في بطن المغتصبة لم يقتل ولم يزن ولم يفارق دينه فكيف يحكم عليه بالقتل ،وهو قتل نفس حرم الله قتلها إلا بالحق وكون هذا الجنين جاء من ماء حرام هذا لا يغير الحكم الشرعي بعدم قتل النفس البشرية. ويضيف أن هناك دليلا قاطعا في السنة على عدم قتل الجنين الذي حملت به المرأة نتيجة لزنا أو اغتصاب، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرجم الغامدية وفي بطنها ثمرة الزنا وربما قد تكون اغتصبت ورضيت بالزنا ،فلم يرد خبر بهذا أو ذاك ولما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم «انتظري حتى تضعي» فلما جاءت بالمولود بعد أن وضعته قال لها النبي صلى الله عليه وسلم «انتظري حتى تفطميه»، فلما جاءت به يمشي بجوارها وفي يده كسرة من خبز، دفع بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وأوصى بها خيرا ثم أمر بها ورجمت، ولو أن ابن الزنا يجوز إسقاطه لفعله النبي صلى الله عليه وسلم.