أكد الشيخ صالح بن محمد آل طالب فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن ما يحدث في بلاد الإسلام من قتل وتخريب واستهداف لرجال الأمن ورموزه ليس في الإسلام في شيء وليس في الجهاد في شيء وأن الذين يفسدون في داخل بلاد الإسلام ليسوا مجرد أشخاص مغرر بهم إنهم قتلة متربصون ومجرمون متعمدون ينفذون مخططات تخريبية ليس لها مشروع إصلاحي ولا هدف طبيعي بل هو قتل لمجرد القتل وتخريب لإحداث الفوضى وزعزعة الأمن في بلاد المسلمين تقف وراؤه جهات مغرضة واستخبارات معادية وحرب موجهة ضد مواطني هذا البلد ودينه وقيادته واقتصاده ومقدراته. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم " من النصيحة أن توضع النقاط على الحروف وأن يزداد الحذر والصد لهذا المنهج التخريبي كما أنه من الظلم والغش أن يحمل الإسلام أو المسلمون تبيعة هذا النهج وهم المستهدفون به أصلا وهم الذين إكتووا بناره وتضرروا منه غاية الضرر . فإذا كان الأمن من الله منة والاستقرار رحمة ونعمة والرزق لهما تابع وللناس فيهما منافع فكيف يكون جرم من أخلهما وحمل السلاح بين ظهران المسلمين وتربص الشر بالآمنين لقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من أخفى سوط أخيه يريد ممازحته حماية لصاحب السوط أن يقلق أو يهتم أو يصيبه الغم فأين العابثون بالأمن عن هذا الإحساس النبوي والإرشاد المحمدي وهم قد حملوا السلاح وحصدوا الأرواح . وبين فضيلته أن مما جاء في مشكاة النبوة قول النبي صلى الله عليه وسلم "من أصبح منكم أمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا " حيث جعل النبي صلى الله عليه وسلم أصول حيازة الدنيا ثلاثة أشياء الأمن في الأوطان والمعافاة في الأبدان والرزق والكفاف ففقد الأمن فقد لثلث الحياة والثلث كثير. ولما كان الأمن ثلث العيش إمتن الله به على الأسلاف من قريش " فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف " وأكد الشيخ آل طالب أن الأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار مطلب ضروري من مطالب الإنسان ففي ظل الأمن يرغد العيش وينتشر العلم ويتفرغ الناس لعبادة ربهم ومصالح دنياهم لذا كانت دعوة إبراهيم الخليل عليه السلام " ربي اجعل هذا البلد أمنا وارزق أهله من الثمرات" فانظر كيف قدم الأمن على طلب الرزق لأنه لا يهنأ عيش بلا أمان . وقد امتن الله تعالى على عباده بالأمن في مواضع كثيرة منها قوله سبحانه"واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون" وقال إمام وخطيب المسجد الحرام"ولازالت هذه النعمة متوالية من الله تعالى وما انتقصت إلا حين انتقص الناس من دينهم فبدلوا وغيروا وما ضاقت الأرزاق ووقعت القلاقل والفتن واستضعف المسلمون إلا حين خطب الشرك والمعاصي في بعض نواحي بلاد المسلمين ولم تكن جزيرة العرب بمنآى عن ذلك ففي عهد قريب كانت مرتعا للسلب والنهب والقتل والخوف حتى من الله عليها بدعوة التوحيد وإتباع سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فعادت آمنة ومطمئنة تجبى إليها الثمرات من كل مكان وتفجرت كنوز الأرض وعم الخير حتى صارت مهوى الأفئدة دينا ودنيا وما ذاك والله إلا ببركة دعوة التوحيد وإتباع السنة وطاعة الله ورسوله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلله الحمد كثيرا . وأشار غلى أنه بقدر الإيمان والتقوى تكون النعم والخيرات فبهما تفتح بركات الأرض والسماء وبهما يتحقق الأمن والرخاء وصدق الله " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض "وقال سبحانه "الذين امنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم اؤلئك لهم الأمن وهم مهتدون" وقال "إننا ولله الحمد لازلنا بخير من الله بديننا وفضل الله علينا لكن النذر الإلهية مذكرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لا زيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " فحب النعم وتفادي النقم لا يكون إلا بطاعة الله ورسوله ومن خالف جرت عليه سنة الله وإنما يصيب المسلمين وأكد أن المعاصي والذنوب سبب رئيس للخوف والقلق والمصائب والفتن والأمراض والبلايا . ولما أمر الله بطاعته وطاعة رسوله في قوله سبحانه"يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون " وبين إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح ىل طالب أن طاعة الله ورسوله سبيل للثبات والنجاة من الأزمات قال تعالى " ولو أنهم فعلوا ما يعظون به لكان خيرا لهم واشد تثبيتا. وإذا لأتيناهم من لدنا أجراً عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما" وشدد فضيلته على أن الأمة بحاجة ماسة إلى مراجعة نفسها والعودة إلى ربها وترك المنكرات والتعاون على البر والتقوى خصوصا في هذه الظروف الحرجة التي تسلط فيها الأعداء على الإسلام والمسلمين وعلى ديارهم وأن المفترض في هذه الأزمات هو الفرار إلى الله والتوبة النصوح والتنادي بالرجوع إلى الله والالتجاء إليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال يجب علينا التمسك بالسنة ولو تركها الناس وأن نغليها ولو أرخصوها وندافع عنها ونصبر على الأذى في ذلك فهذا هو سبيل النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وهذا هو طريق الأمن في الدنيا والآخرة وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام"حاسب نفسك يا عبد الله قبل أن تحاسب ولا تنظر إلى الهالك كيف هلك ولكن انظر إلى الناجي كيف نجا ولا تمتد بك حبال الأماني والغرور فالعمر قصير والأجل محدود والناقد بصير وموقف العرض على الله عسير إلا على من يسره الله عليه " تأمل في مطعمك ومشربك وأنظر ماذا ترى وتسمع وتقول وماذا تسر وتعلن ولئن خفيت منك اليوم خافية فهناك في أرض المحشر يكشف الغطاء وتتكلم الجوارح".