أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب، أن ما يحدث في بلاد الإسلام من قتل وتخريب واستهداف لرجال الأمن ورموزه، ليس من الإسلام في شيء وليس من الجهاد في شيء، وأن الذين يفسدون في داخل بلاد الإسلام ليسوا مجرد أشخاص مغرر بهم، إنهم قتلة متربصون ومجرمون متعمدون ينفذون مخططات تخريبية ليس لها مشروع إصلاحي ولا هدف طبيعي، بل هو قتل لمجرد القتل وتخريب لإحداث الفوضى وزعزعة الأمن في بلاد المسلمين تقف وراءه جهات مغرضة واستخبارات معادية وحرب موجهة ضد مواطني هذا البلد ودينه وقيادته واقتصاده ومقدراته. وقال في خطبة الجمعة 16-10-2009، : من النصيحة أن توضع النقاط على الحروف وأن يزداد الحذر والصد لهذا المنهج التخريبي، كما أنه من الظلم والغش أن يحمل الإسلام أو المسلمون تبعة هذا النهج وهم المستهدفون به أصلا وهم الذين اكتووا بناره وتضرروا منه غاية الضرر. فإذا كان الأمن من الله منة، والاستقرار رحمة ونعمة، والرزق لهما تابع وللناس فيهما منافع، فكيف يكون جرم من أخل بهما وحمل السلاح بين ظهراني المسلمين وتربص الشر بالآمنين.. لقد أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على مَن أخفى سوط أخيه يريد ممازحته حماية لصاحب السوط أن يقلق أو يهتم أو يصيبه الغم فأين العابثون بالأمن عن هذا الإحساس النبوي والإرشاد المحمدي وهم قد حملوا السلاح وحصدوا الأرواح . وبيّن إمام الحرم أن مما جاء في مشكاة النبوة قول النبي -صلى الله عليه وسلم- من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا، حيث جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- أصول حيازة الدنيا ثلاثة أشياء الأمن في الأوطان، والمعافاة في الأبدان، والرزق والكفاف، ففقد الأمن فقد لثلث الحياة والثلث كثير. ولما كان الأمن ثلث العيش امتن الله به على الأسلاف من قريش، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. وأكد آل طالب أن الأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار مطلب ضروري من مطالب الإنسان، ففي ظل الأمن يرغد العيش وينتشر العلم ويتفرغ الناس لعبادة ربهم ومصالح دنياهم، لذا كانت دعوة إبراهيم الخليل عليه السلام (رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات)، فانظر كيف قدم الأمن على طلب الرزق لأنه لا يهنأ عيش بلا أمان. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: "ومازالت هذه النعمة متوالية من الله تعالى وما انتقصت إلا حين انتقص الناس من دينهم فبدلوا وغيّروا وما ضاقت الأرزاق ووقعت القلاقل والفتن واستضعف المسلمون إلا حين خطب الشرك والمعاصي في بعض نواحي بلاد المسلمين ولم تكن جزيرة العرب بمنأى عن ذلك، ففي عهد قريب كانت مرتعا للسلب والنهب والقتل والخوف حتى منَّ الله عليها بدعوة التوحيد واتباع سنة سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم- فعادت آمنة مطمئنة تجبى إليها الثمرات من كل مكان وتفجرت كنوز الأرض وعمّ الخير حتى صارت مهوى الأفئدة دينا ودنيا، وما ذاك والله إلا ببركة دعوة التوحيد واتباع السنة وطاعة الله ورسوله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلله الحمد كثيرا". وأشار إلى أنه بقدر الإيمان والتقوى تكون النعم والخيرات فبهما تفتح بركات الأرض والسماء وبهما يتحقق الأمن والرخاء وصدق الله. وأكد أن المعاصي والذنوب سبب رئيس للخوف والقلق والمصائب والفتن والأمراض والبلايا. وشدد فضيلته على أن الأمة بحاجة ماسة إلى مراجعة نفسها والعودة إلى ربها وترك المنكرات والتعاون على البر والتقوى، خصوصا في هذه الظروف الحرجة التي تسلط فيها الأعداء على الإسلام والمسلمين وعلى ديارهم، وأن المفترض في هذه الأزمات هو الفرار إلى الله والتوبة النصوح والتنادي بالرجوع إلى الله والالتجاء إليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال يجب علينا التمسك بالسنة ولو تركها الناس وأن نغليها ولو أرخصوها وندافع عنها ونصبر على الأذى في ذلك، فهذا هو سبيل النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وهذا هو طريق الأمن في الدنيا والآخرة وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام: "حاسِب نفسك يا عبد الله قبل أن تُحاسَب ولا تنظر إلى الهالك كيف هلك ولكن انظر إلى الناجي كيف نجا، ولا تمتد بك حبال الأماني والغرور، فالعمر قصير والأجل محدود، والناقد بصير، وموقف العرض على الله عسير، إلا على مَن يسّره الله عليه، تأمل في مطعمك ومشربك وانظر ماذا ترى وتسمع وتقول وماذا تسر وتعلن ولئن خفيت منك اليوم خافية فهناك في أرض المحشر يكشف الغطاء وتتكلم الجوارح".