لا يرى الجناح الشمالي في الحركة الإسلامية داخل إسرائيل أي فائدة من المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية، وهو موقف يجمع هذا الجناح الإسلامي مع حركة "ناطوري كارتا" اليهودية المناهضة للصهيونية، حيث تعتبر الانتخابات "محظورة دينيا". وتتسع مساحة المقاطعة لتشمل أيضا حركة "كفاح" الحديثة في أوساط الفلسطينيين العرب داخل إسرائيل، وكذلك حركة "أبناء البلد". وتشارك 26 قائمة يهودية وعربية في انتخاب أعضاء الكنيست (البرلمان) العشرين، غدا الثلاثاء، إلا أن 11 منها فقط ترجح استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي أن تجد طريقها إلى قاعة البرلمان. ويقول مؤيدو المشاركة في انتخابات الكنيست من العرب إن مشاركتهم تهدف إلى فرض أجندة للعرب الفلسطينيين داخل الكنيست، وتعزيز العلاقات بين الأحزاب العربية داخل وخارج الكنيست، وفضح وجه إسرائيل "القبيح" وسياساتها "العنصرية" أمام العالم. وينظر إلى الجناح الشمالي للحركة الإسلامية (انفصل عن الحركة عام 1996)، بقيادة الشيخ رائد صلاح، على أنه أحد أكبر الحركات في أوساط الفلسطينيين العرب داخل إسرائيل، وفقا لمراسل وكالة الأناضول. وقال الشيخ صلاح لوكالة الأناضول: "الكنيست من مؤسسات المشروع الصهيوني، وهي مؤسسة ذات نزعة صهيونية تعمل على الحفاظ على حقوق المجتمع الإسرائيلي وشرعنة ما نعانيه من ظلم تاريخي واضطهاد ديني وتمييز قومي". ومضى قائلا: "واضح لدينا من تجربة أعضاء الكنيست العرب، وهي طويلة جدا، حيث تمتد على مدار 19 من دورات الكنيست، أنه لم تكن نتيجة هذه الجهود إلا قريبة من الصفر، فلم نحصل على أي حق، ولم يٌرفع عنا أي ظلم، وفي المقابل، استغلت المؤسسة الإسرائيلية وجود نواب عرب في الكنيست لتجمل وجهها القبيح أمام المجتمع الدولي، لذا فإننا لسنا مع الكنيست ولا مع انتخابات الكنيست". وخلافا لموقف الجناح الشمالي، فإن الجناح الجنوبي في الحركة الإسلامية، برئاسة الشيخ حماد أبو دعابس، يشارك في انتخابات الكنيست، ويخوض انتخابات الثلاثاء ضمن القائمة العربية المشتركة، التي تضم أيضا "التجمع الوطني الديمقراطي"، و"الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"، و"القائمة العربية للتغيير". ويعيش حوالي مليون و600 ألف من الفلسطينيين العرب في إسرائيل، ويشكلون ما يزيد عن 20% من عدد سكان إسرائيل ،البالغ نحو 8 ملايين نسمة. ويقول قادة أحزاب عربية مشاركة في الانتخابات إن نسبة مشاركة العرب في انتخابات السنوات الماضية بلغت 50%، وإنهم يأملون، مع توحد هذه الأحزاب في قائمة واحدة، أن ترتفع نسبة المشاركة إلى 70%. وحتى الدورة الأخيرة للكنيست كان عدد ممثلي الأحزاب العربية 11 من أصل 120 نائبا، غير أن استطلاعات الرأي العام تتوقع ارتفاع عددهم إلى 13، فيما يأمل قادة القائمة العربية في حصد 15 مقعدا. بدورها، تتخذ حركة "كفاح" العربية، التي تأسست نهاية عام 2014، من مقاطعة الانتخابات شعارا لها، حيث تقول على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن "المقاطعة هي الموقف". وقال الأسير المحرر، أيمن حاج يحيى، نائب الأمين العام للحركة، لوكالة الأناضول، إن "كفاح لا تشارك في الانتخابات وتدعو إلى مقاطعتها.. الآلاف من المواطنين العرب يؤيدون الحركة، التي تضم حركات محلية ومستقلين". وتابع يحيي بقوله: "نحن تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومن الطبيعي أن نقاطع مؤسسات الاحتلال وعدم إعطاء الشرعية لتلك المؤسسات، كما أن التجربة أثبتت أنه لا جدوى من الوجود في الكنيست.. فضلا عن ذلك، توجد محاولات حثيثة لإنقاذ إسرائيل من أزمة القيادة التي تعيشها، ولا نرى أنفسنا جزءا من هذا الجهد الهادف إلى إنقاذ إسرائيل". "قاطع انتخابات الكنيست الصهيوني لأن صوتك برا (خارج) الصندوق أعلى"، بهذه التدوينة على صفحتها بموقع "فيسبوك" تتفق حركة "أبناء البلد"، التي تأسست عام 1972، مع حركة "كفاح". وقال عضو الأمانة العامة لحركة أبناء البلد، رجا اغبارية، على "فيسبوك": "نحن مع الموقف الوطني الفلسطيني المجرب علمياً وتاريخا وحاضراً ومستقبلاً وبرنامجاً.. سنقاطع الانتخابات، وسنحاول منع رفع نسبة التصويت رغم كل معسكر الأسرلة السياسية المدعومة مالياً من كل العالم الاستعماري والرجعي (...) فالكنيست تزوير إرادة الشعب". على الجانب اليهودي، فإن حركة "ناطوري كارتا"، المناهضة للصهيونية، لا تعارض المشاركة في الانتخابات فحسب، وإنما تعتبر المشاركة فيها "مخالفة للشريعة اليهودية". الحركة، الناشطة في فعاليات مناهضة لإسرائيل في أرجاء العالم، ترى أنه "يحظر على أي يهودي المشاركة في انتخابات كنيست الزنادقة"، محذرة على موقعها الإلكتروني من أن "أي شخص يشارك بهذه الانتخابات ينتهك هذا الحظر". وليس ثمة تقدير لعدد مؤيدي "ناطوري كارتا" في إسرائيل، إلا أن الحركة اليهودية تقول إن "أنصارها يتمركزون في مدن القدس ولندن ونيويورك، وتقدّر أعدادهم بالآلاف". والمعنى الحرفي ل"ناطوري كارتا" باللغة الآرامية هو "حرّاس المدينة"، وتقول الحركة إنها "منظمة لليهود الأرثوذكس المحافظين، تأسست سنة 1935، وهي معادية للصهيونية، وتنادي بضرورة إزالة ما يُعرف بدولة إسرائيل". وترى هذه الحركة أن الله عاقب اليهود في العهد القديم بإزالة دولتهم، ويمكن للمسيح (عليه السلام) فقط إنشاء دولة جديدة، ومن ثم فإن أي محاولة بشرية لإحياء دولة يهودية تمثل معارضة لمشيئة الرب، مما يزيد من معاناة اليهود. وتشير الحركة، على موقعها، إلى أنها "كانت تعتبر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رئيسا لجميع سكان أرض فلسطين، وقد شارك الحاخام موشيه هيرش (المنتمي للحركة) في حكومة عرفات وزيرا للشؤون اليهودية". وتعترف "ناطوري كارتا" و"تدافع عن حقوق الفلسطينيين المشروعة وتحترم الإسلام والعرب"، بحسب ما تعرف به نفسها. ووخلال حرب الجيش الإسرائيلي، التي بدأها في السابع من يوليو/ تموز الماضي، ودامت 51 يوما، نظم نشطاء في الحركة اليهودية مظاهرات مناهضة لإسرائيل.