فهل كانت الدنيا بدار تربض سوى أنها شبه السحاب تمددا؟ أليست رحى الأيام تذروا نفوسنا وتلقي بها عبر التراب لتلحدا؟ تلك الأبيات التي قالها محمد إسماعيل جوهرجي الأديب والشاعر الكبير، كأنه عبّر فيها عن رحلته الغنية بالأدب والشعر، وختمها بالمصير الذي تلقاه كل النفوس، في توقع مبكر لختام حياته بعد أن أثرى المكتبة السعودية بمؤلفات متخصصة في الأدب والنحو. وكان الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام السابق قد نعى صديقه محمد إسماعيل جوهرجي الشاعر والأديب المعروف، أثناء إلقائه قصيدتين في ثلوثية محمد سعيد طيب التي أقيمت على شرف الوزير السابق، وخلال الثلوثية انتقلت روحه إلى بارئها وسط الحضور. ولد الأديب الراحل في مكةالمكرمة عام 1356 ه، وتلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط حتى السنة الأولى ثانوي في المدرسة الرحمانية. قال الشعر مبكرا وهو طالب في المرحلة المتوسطة، ثم التحق بالمدرسة العزيزية الثانوية في حي الزاهر في الصف الثاني ثانوي بالقسم الأدبي. بعد تخرجه من الثانوية عام 1379ه، التحق في كلية الآداب في جامعة الملك سعود في الرياض، ثم انتقل إلى قسم اللغة العربية في كلية التربية بمكةالمكرمة عام 1381ه. عيّن معلما في المرحلة الثانوية بمدارس "الثغر النموذجية" في جدة، ثم تقلّد منصب أول مدير لثانوية "الثغر النموذجية" بعد فصلها عن القسم المتوسط. نشر معظم إنتاجه الشعري في المجلات والصحف، وكان له مشاركات إذاعية في برنامج "الجيل الجديد"، وقدم حديثا إذاعيا أسبوعيا بعنوان "في آفاق التربية". له 7 دواوين شعرية مطبوعة هي، "أحلام الصبا – النغم الظامئ – عطر وموسيقى – اليقين – أبخرة الرماد – نبض الضفائر – شرخ الضمير". ألف عدة كتب في النحو، كان الأول منها "الموجز في النحو" وقرظه العلامة أبو تراب الظاهري –رحمه الله-، وكان الكتاب أحد المراجع لطلبة وطالبات قسم اللغة العربية في المستوى الثالث في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، وكتاب ضخم بعنوان "قال الفتى"، وهو أول كتاب يتناول النحو بأسلوب حواري بين الفتى والشيخ، وكتاب "مصادر النوتة الشعرية" الذي يعد إنجازا فريدا ومهما في الوصول إلى تحريك الرموز العروضية الخليلية وفقا لحركة صوت الحروف في بحث مضنٍ قدمه في آخر الكتاب بعنوان "غياب الصوت في الرمز العروضي"، وكتاب "الإعرابات" الذي تتبع فيه كل لفظة قرآنية يجوز فيها أكثر من وجه واحد من الإعراب.