يقع إقليم آزواد في شمال جمهورية مالي على مساحة تقدر بحوالي 850,000كم2 ,تمثل حوالي ثلثي مساحة مالي البالغة 1,240,192كم2 ويحد الإقليم شمالا الجزائر ومن الشرق النيجر ومن الجنوب بوركينا فاسو ومن الغرب موريتانيا. يضم الإقليم ثلاث مدن رئيسة هي تمبكتو وجاوا وكيدال , وتشكل الصحراء الكبرى غالب تضاريس آزواد عدا الجزء الجنوبي منه الذي يخترقه نهر النيجر, وتتركز على هذا النهر معظم مدن وقرى الإقليم, ويعتمد سكان آزواد في حياتهم على رعي الماشية بشكل عام خصوصا بالنسبة للعرب والطوارق, ويعتمد شعب الفولان على الاعتناء بالبقر بشكل خاص, بينما تعتمد قبائل السونغاي على الصيد والزراعة على ضفاف النهر. عاش آزواد حالة من عدم الاستقرار السياسي - منذ خروج الاستعمار الفرنسي من الإقليم وضمه لدولة مالي عام 1960م ؛ بسبب السياسات العنصرية والاقصائية التي انتهجتها حكومة باماكو ضد الإقليم وسكانه خصوصا العرب والطوارق منهم إلا أن المواجهة العسكرية بين الإقليم وسكانه من جهة وبين الجيش المالي النظامي من جهة أخرى لم تستهل إلا عام1963م ,بعد رفض الآزواديين للسياسات الشيوعية الاشتراكية التي سعى الرئيس موديبو كيتا لتطبيقها في أرجاء البلاد, فقرر الرئيس مواجهتهم وإخضاعهم لسياساته بالقوة, فقام الجيش المالي بحملة هائلة ضد الآزواديين خاصة في منطقة كيدال حيث قام الجيش المالي بقتل النساء والأطفال وتسميم الآبار وأحرق حتى الماشية - كما يذكر الكاتب العراقي همام هاشم الألوسي سفير العراق في مالي سابقا- واستمرت عملياته حتى تمكن من السيطرة على الإقليم وإخضاع سكانه, بعد أن استخدم سياسة الأرض المحروقة ضدهم. وفي مطلع التسعينات الميلادية تفجرت الأوضاع من جديد بسبب استمرار السياسات التهميشية ضد آزواد، والمصحوبة بتردي الحالة المعيشية لسكان الإقليم نتيجة لموجة الجفاف القاسية التي رزح تحتها الإقليم طوال العقدين الماضيين، دون أن تحرك الحكومة المالية ساكنا, فأنشأ الطوارق والعرب جبهات عسكرية لانتزاع حقوق الإقليم وإيقاف استبداد الجيش واستفزازاته المتكررة لسكان آزواد, وكان رد الحكومة المالية أكثر تطرفا وراديكالية إذ حاولت القضاء على كل ذوي البشرة البيضاء في المنطقة, واعتبرت ذلك هو الحل الأمثل لإنهاء مشاغبات الإقليم المتلاحقة, فأنشأت لهذه المهمة ميليشيات عسكرية أسمتها "الجندا كوي" و"الجندا إيزو" وتعني ملاك الأرض, وكونتها من قبائل السونغاي المقيمة في المنطقة, وجعلت من المدنيين هدفا لها, وقامت بعمليات إبادة واسعة لأحياء وقرى عن بكرة أبيها إضافة للعديد من أعمال النهب والسرقة لممتلكات ذوي السحنة البيضاء؛ مما تسبب في موجة نزوح هائلة للطوارق والعرب تجاه دول الجوار الجزائر وموريتانيا وليبيا بشكل خاص. صعدت جبهات الطوارق والعرب من قتالها ضد الجيش المالي وميليشياته, واستمر القتال والحرب بين كر وفر دون أن يحسم أحد الطرفين المواجهات لصالحه إلى أن تدخلت الجزائر وتقدمت بمشروع وساطة لإيقاف تلك الحرب, وهذا ما تم فعلا فوقع الطرفان على بنود اتفاقية تقضي بإيقاف فوري للمعارك الدائرة بين الجانبين, وعلى حل جبهات الآزواديين العسكرية مقابل التزام حكومة باماكو بتنمية المناطق الشمالية, وضم كل الكفاءات الآزوادية سواء العسكرية أو السياسية للقطاعات العسكرية والحكومية, إضافة للعمل على القضاء على كل المظاهر العنصرية في البلاد ... وتم التوقيع على الاتفاقية عام1994م بتمنراست بالجزائر. وبعد تلك الاتفاقية شهدت العلاقة بين آزواد ومالي تطورا ملحوظا وسارت الأمور نحو الأمام, فمنح الآزواديون حكومة باماكو الفرصة لتنفيذ ما تعهدت به تجاههم خصوصا ما يتعلق بالمشاريع التنموية بالإقليم إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث الأمر الذي أثار سخطهم واستياءهم, فشعروا بأنهم وقعوا ضحية لتواطؤ الحكومة المالية مع قادة الجبهات المنحلة بعد أن منحتهم بعض المناصب الشكلية إضافة لإشباع رغباتهم المادية. ونتيجة لكل ذلك تنادى مجموعة من الناشطين الآزواديين لتكوين حركة سياسية للمطالبة بحقوق الإقليم وللضغط على الحكومة لتنفيذ بنود اتفاقية تمنراست الأخيرة, وأطلقت تلك الحركة على نفسها اسم "الحركة الوطنية الآزوادية", وكان ذلك في أواخر عام 2010م , وحاولت التواصل مع صناع القرار في باماكو إلا أنها قوبلت بالتجاهل, فصعدت الحركة من مطالبها, ودعت إلى الانفصال التام عن مالي وعدلت اسمها إلى "الحركة الوطنية لتحرير آزواد" ؛ مما جعل منها عدوا للحكومة ولكل دول الجوار خصوصا النيجر والجزائر بحكم الامتداد العرقي للطوارق والعرب فيهما. في مطلع عام 2012م نظمت الحركة الوطنية صفوفها, وحددت أهدافها بالتزامن مع سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي, ومانتج عن ذلك من عودة الآلاف من شباب الطوارق المجندين في كتائبه في ليبيا إلى آزواد, فشكلوا دعما استراتيجيا للحركة الوطنية بعد انضمامهم إليها خصوصا وقد نقلوا معهم كل ما كان تحت أيديهم من العتاد العسكري الليبي. أعلنت الحركة الوطنية بدء عملياتها العسكرية ضد الجيش المالي المتواجد على أرض الإقليم, فتمكنت مدعومة من بعض التنظيمات الجهادية الموجودة في المنطقة وخصوصا جماعة أنصارالدين (الآزوادية) التي أنشأها إياد أق غالي في نفس الفترة، وتمكنت من طرد الجيش المالي خارج حدود آزواد في فترة وجيزة. وفي السادس من إبريل عام 2012م أعلن السيد بلال أق الشريف الرئيس العام للحركة الوطنية لتحرير آزواد من مدينة جاوا كبرى مدن الإقليم عن انفصال آزواد واستقلاله عن دولة مالي, وجوبه هذا الإعلان برفض وشجب إقليمي ودولي. وفي أثناء تلك الظروف نشطت الجماعات الإسلامية في المنطقة, وتلقت دعما مهولا من جهات مجهولة, فبدأت في التأثير على الساحة الآزوادية. حاول قادة الحركة الوطنية لتحريرآزواد التواصل مع الجماعات الإسلامية الآزوادية لمحاولة تقريب وجهات النظر والوصول لصيغة توافقية لإعلان حكومة مشتركة للإقليم إلا أن ذلك لم يتم, وبدا أن شيئا ما حدث في الخفاء لمنع هذا التوافق. استطاع إياد أق غالي التحالف مع كل التنظيمات الإسلامية الفاعلة على الأرض, وتمكن من طرد الحركة الوطنية من آزواد, وأعلن أنه لا يهدف لتحرير الشمال وإنما يسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية على كامل التراب المالي مع المحافظة على وحدة أراضيها. وفي مطلع يناير من عام 2013م اتخذت فرنسا قرارا مفاجئا بالتدخل العسكري في مالي للمحافظة على وحدة أراضيها, ولطرد الجماعات الإسلامية التي باتت تهدد العاصمة باماكو، وتشكل خطرا على المصالح الفرنسية الاقتصادية في المنطقة برمتها, وتمكنت فرنسا مدعومة بالقوات المالية, والقوات الإكواسية من طرد الجماعات الإسلامية من مدن الإقليم الرئيسة خلال أيام من بداية التدخل الفرنسي، ولم يفوت الجيش المالي الفرصة للانتقام مجددا من العرب والطوارق، فقام بالعديد من الإعدامات والانتهاكات وعمليات السلب والنهب لممتلكاتهم تحت غطاء مباشر من القوات الفرنسية، كما شهدت بذلك كل المنظمات الإنسانية والحقوقية العالمية.