يسابق القائمون على جريدة الشرق الزمن ليكونوا على الموعد المحدد للصدور في يوم 11-11-2011. لم يبق الكثير على ولادة الصحيفة السعودية الحادية عشرة، والتي يطمح القائمون عليها أن تكون مميزة عن ما سبقها من صحف للفوز بنصيب وافر من كعكة الإعلام المحلي، خاصة وأنهم يخططون للانطلاق عبر الورق وعبر فضاء الإنترنت في وقت واحد.. وربما عبر قناة إخبارية مستقبلا. وستنطلق الشرق من المنطقة الشرقية لتزاحم جريدة اليوم واسعة الانتشار هناك.. وهي ستأتي عل أنقاض مجلة الشرق التي استمر صدورها ثلاثين عاما قبل أن تتوقف منذ عامين. ويعج مبني الصحيفة الواقع على شارع الأمير محمد بن فهد الرئيسي في الدمام بالحركة والنشاط مع بدء العد التنازلي للصدور.. خاصة وأن سياسة رئيس تحريرها المخضرم قينان الغامدي، الذي أسس من قبل صحيفة الوطن، تعتمد على تجهيز جيل جديد من الصحفيين الشباب بدلا من الاعتماد على أصحاب الخبرة.. من أجل إطلاق سياسة صحفية جديدة. ويؤكد رئيس تحرير الشرق قينان الغامدي الذي استقبل العربية.نت في مكتبه الجديد والمزدحم بالأوراق على أنهم لا يملكون توجهات محددة في العمل الصحفي الذي يعتزمون تقديمه بدء من منتصف الشهر المقبل.. ويقول: "ستكون الشرق صحيفة عامة وشاملة ووطنية.. وسنلتزم بكل ما ينسجم مع التوجهات الوطنية بغض النظر عن أي تقسيمات أيدلوجية أو فكرية.. فالصحيفة ستكون منبرا عاما همه خدمة الوطن في مختلف قطاعاته السياسية والثقافية والاجتماعية والرياضية بما يتوافق مع ثوابت الوطن الأساسية المعروفة.. وهي العقيدة الإسلامية والوحدة الوطنية والقيادة.. فكل ما ينسجم مع هذه الثوابت ولا يؤثر عليها ستتطرق إلية صحيفة الشرق". ويضيف: "بالدرجة الأولى كلنا مسلمون ونؤمن بدين وثوابت واحدة، ولكنا لدينا ثوابت وطنية معروفة ومشهورة.. والقاعدة الأساسية التي ننطلق منها هي الدين الإسلامي بمفهومه الوسطي السمح، والذي تنادي به الدولة وتعمل عليه.. الفهم الحقيقي للإسلام هو منطلقنا". ويتابع :"ليس لدينا ولا غيرنا من الصحف مشكلة، إذا راعينا مفاهيم العقيدة والوحدة الوطنية والقيادة.. ويمكن فتح باب الحوار تحت هذه المظلة وهو حيوي ومطلوب. صحيفة إلكترونية وورقية ويشدد الغامدي، الذي بدأ حياته الصحفية مراسلا لجريدة عكاظ عام 1980، وتدرج فيها من مراسل في مكتب الطائف حيث ولد حتى وصل إلى منصب نائب لرئيس تحرير عكاظ قبل أن يرأس تحرير البلاد ثم الوطن في أهم محطات حياته العملية، على أنهم يخططون لتقديم أسلوب جديد في الصحافة، سيكون مدرسة مستقلة بذاتها.. ويقول: "نأمل أن نقدم طرحا مختلفا عن الموجود حاليا من ناحية اقتناص الأفكار والموضوعات التي لم تطرح من قبل أو طرحت بشكل غير مركز وغير موسع.. سنركز على الصحافة الجديدة والمعلومات وتوثيق مصادرنا.. خاصة وأن عملية التوثيق الآن أصبحت سهلة وبات من السهل توثيق المعلومة بالصوت والفيديو أيضا.. والأمر الثالث الذي سنركز عليه هو المزج بين الورقي والالكتروني، بحيث نقدم صحافة يومية مكتملة تستطيع أن تنافس الصحافة الورقية والصحافة الإلكترونية في آن واحد، دون أن تكرر نفسها هنا وهناك؛ فلا تكرر في الموقع الالكتروني ما ينشر في الصحيفة الورقية وفي الوقت ذاته تعطي الصحيفة الورقية أيضا الشخصية التي يمكن أن تشعر قارئ الموقع الإلكتروني أن في الصحيفة الورقية شيئا جديدا لم يقدم حتى الآن". ويتابع متحدثا عن روح الجيل الجديد التي سيعتمدون عليها: "استقطبنا كثير من الكتاب المعروفين ومن الجيل الجديد.. نحن ميالون كثيرا للجيل الجديد الذين لم تتاح لهم الفرصة سواء في مواقع الصحف الإلكترونية أو اليومية ونقدمهم للقراء.. وحتى في مجال العمل الصحفي تركز الشرق على جيل جديد تقدمه للصحافة السعودية".. ويشدد: "كان الهدف منه بثر روح الشباب وأيضا الجيل المعروف لدية فرصة عمل حالية وفي وقت لدينا كثير من الكفاءات المؤهلة علميا ويبحثون عن فرص عمل وهم موهوبون.. الأهم من هذا أن الشرق تحرص على أن تقدم هذا الجيل الشاب مع صدورها كي تظهر بروح وفكر جديد.. كل العاملين فيها من الجيل الجديد الذين تأهلوا تدريبا نظريا وميدانيا.. ويسعدنا أن نكون قدوة في هذا المجال". سوق تستوعب المزيد وينفي الغامدي، الذي شهدت جريدة الوطن ولادتها على يديه قبل عدة أعوام، فكرة أن يكون في إصدار صحيفة ورقية مجازفة.. ويقول: "ليس هناك دراسات دقيقة تؤكد على تراجع الصحافة الورقية.. ولكن أيضا لا يوجد شك أن المستقبل هو للصحافة الإلكترونية.. وفي تصوري أن الصحيفة الناجحة ورقيا ستكون ناجحة أيضا على الإنترنت.. لهذا ستركز الشرق على الجانبين في وقت واحد وستطلق الصحيفة الورقية والموقع الإلكتروني الذي يخدمان بعضهما البعض ويتبادلان الموقع حسب مستقبل النشر". ويشدد على أن السوق السعودية تستوعب المزيد من الصحف اليومية.. ويقول: "هناك أعداد هائلة من الصحف في كثير من الدولة ربما تعتبر السعودية اقل دول الخليج صحفا.. على الرغم من مساحة الدولة الكبيرة وعدد سكانها .. والسوق هي من ستحدد هل الصحف الجديدة ستحقق النجاح أم لا.. وأنا أعتقد أن الفرصة متاحة للكل أن ينافس ويقدم ما لديه والسوق هو من سيقول كلمته في نهاية المطاف".. ويتابع: "السوق السعودية قادرة على استيعاب المزيد من الصحف اليومية ومازال هناك مجال كبير للنجاح لمختلف وسائل الإعلام سواء كانت ورقية أو الكترونية". ولا يبدي رئيس تحرير الشرق قلقا من تواجد منافس قوي لهم في المنطقة الشرقية متمثلا بجريدة (اليوم) التي تستحوذ على غالبية السوق.. ويقول: "وجود المنافس لنا حافز أكبر كي نتقدم أكثر.. في نظري وجود المنافس حافز وليس عائق لنا".. وتابع: "تضل الصحف السعودية صحف مناطق وهذا أمر ملموس ولكن من تجربة الوطن التي نجحت أن تكون الأولى في منطقتها وأن تكون الثانية في بقية المناطق.. ونأمل أن تنجح الشرق في هذا الأمر أيضا". لن نكمم الأفواه قبل صدورها.. بدأت الشرق تعاني من الإشاعات التي تحاول الإساءة لها حتى قبل أن تبدأ.. بدء من التحذير من توجهات لم تظهر للنور ومرورا بإشاعة التدريب المختلط في مبناها الجديد.. يقول الغامدي: "من الصعب تكميم أفواه البشر ولكن نأمل أن كل من يسمع إشاعة أن يتأكد من المعلومة من مصادرها.. وهذا هو المنهج الذي نسعى لترسيخه في جريدة الشرق".. وهو يشدد على عدم اهتمامهم بالإشاعات.. ويضيف: "لا يهمنا ما يقال لأننا منسجمون مع النظام العام في السعودية والذي يتيح توظيف الجنسين وفق ضوابط محددة ونحن وفرنا فرصة للكثير من الأخوات لتلقي التدريب والعمل مثل باقي المؤسسات الصحفية.. هذا الأمر لا نخفيه ولا يقلقنا". خبرة كبيرة ويتمنى قينان الغامدي الذي رأس تحرير صحيفتان من كبار الصحف السعودية أن تسهم خبرته السابقة في تقديم الشرق بشكل جذاب وأن كان يشدد على أن العمل الذي يسعى إليه هو عمل جماعي وليس فرديا.. ويقول: "لا احد يستطيع التخلص في ذاته والخبرة التي لديها.. وأمل أن تقدم الشرق إضافة لما قدمته الوطن قبل عدة سنوات وتأخذ مكانا لها بين الصحف السعودية كما أخذت الوطن".. ويتابع: "أمل أن يكون فعلا لدي خبرات حقيقة لأن هناك فرق بين الخبرة والخدمة.. وأستطيع أن أفيد بها زملائي وزميلاتي الذين سيقدمون الشرق. فلست أنا وحدي من سيقدمها". ويضيف موضحا ما يقصده: "آلية العمل في الصحيفة هي جهد جماعي من الشباب الذين امتلكوا القدرة على العمل الصحفي حاليا.. فالخطة عندما توضع يجب أن تكون نابعة من الجميع كي يحسنوا تطبيقها ويشعرون أنها تمثلهم". وهو يقلل من تأثير تراجع مجلة الشرق في أخر سنواتها قبل توقفها على مسيرة الصحيفة.. ويقول :"هناك فرق كبير بين ظروف المجلة الأسبوعية والصحيفة اليومية.. فالمجلة تهتم بالتقارير والقراءات المستقبلية خلافا للجريدة اليومية التي تركز على الخبر والحدث اليومي.. وأعتقد أن مجلة الشرق مثل كثير من المجلات التي مرت بفترات هبوط وصعود حتى صدر القرار بتوقفها". لم يستمر الحديث طويلا لوجود اجتماعات كثيرة في أجندة الغامدي والتي تزايد عدده مع بدء العد التنازلي للصدور.. وقال قبل أن يتوجه لاجتماع مع المدير العام: "نأمل أن نتوسع مستقبلا.. ولكن هذا الأمر يرجع إلى رأي مجلس أدارة المؤسسة.. مسؤوليتي حاليا هي الصحيفة اليومية وآمل أن تتوسع المؤسسة يوميا، وتضيف ما يتماشى مع خطط النشر".