كشف الزميل قينان الغامدي، رئيس تحرير صحيفة الشرق، عن سبب التأخير في إصدار الصحيفة، وأرجع ذلك إلى الأزمة المالية العالمية التي حدثت عام 2008-2009م، التي أثرت في رجال الأعمال والمساهمين؛ ما أدى إلى تعثر إكمال رأس المال اللازم للجريدة، وأكد أنه لن ينتهي عام 2011م إلا وستكون "الشرق" قد صدرت، ونفى تماماً سعيه إلى استقطاب الصحفيين الأكفاء من الصحف السعودية، وقال: سوف نستقطب الشباب والفتيات السعوديات الأكفاء والمؤهلين علمياً ولديهم المهارة لصناعة كادر مهني جديد للصحيفة. وعبّر قينان عن هواجسه وخوفه من عدم نجاح تجربة "الشرق"، وقال: "التخوف قائم، والقلق قائم، وخوفي وقلقي أكبر مما كان عند تأسيس وإصدار صحيفة الوطن". وعبّر كذلك عن إعجابه بالصحف الإلكترونية، ولكنه أكد ضرورة تطورها، وأن تتوافر لها الجدية في الطرح. مشيراً إلى أن صناعة الصحيفة الإلكترونية الجادة تحتاج إلى إمكانات كبيرة مادية وبشرية. ورحَّب "قينان" بالشيخ سعد بن عبدالله البريك كاتباً في جريدة "الشرق"، واصفاً إياه بالأخ العزيز، وإنْ اختلف معه في الرأي، ولكنه رحّب بطرحه. واعترف الغامدي بوجود الشللية في الصحافة السعودية، ولكنه قلَّل من تأثيرها، وقال: "ليست واضحة كما يتصوَّر البعض". جاء ذلك في حديث قينان الغامدي في أول لقاءات "منبر الحوار" الذي أداره الأديب محمد الهويمل بالنادي الأدبيبالرياض مساء أمس السبت، والذي تحدث فيه عن تجربة صحيفة "الشرق"، وبدأ حديثه عن الهواجس من إصدار صحيفة يومية جديدة في المملكة، في ظل ثورة الاتصالات والإنترنت والفضائيات، التي تشبع فضول القارئ والمتابع. وطرح "الغامدي" تساؤلاً حول الجدوى من إصدار صحيفة يومية ورقية في زمن الإنترنت, وفي زمن توقع فيه الكثيرون انقراض الصحافة الورقية؟ وقال: عندما صدر الترخيص من وزارة الثقافة والإعلام ل"الشرق" طرحنا على أنفسنا هذا السؤال, وحاولنا أن نجيب عنه علمياً بالدراسات المسحية ودراسات الجدوى. واستعرض "قينان" تجربة "الشرق" من مجلة أسبوعية صدرت في 27 جمادى الأولى عام 1398ه، أي منذ 33 سنة، ورحلتها بين الصعود والهبوط. مشيراً إلى أبرز تجلياتها في عهد الزميل شاكر الشيخ؛ حيث دخلت حيّز المنافسة مع مجلتَيْ "اليمامة" و"اقرأ"، ثم تحولها إلى صحيفة يومية تحت اسم آخر, ثم صدرت أسبوعياً حتى التقدُّم للحصول على ترخيص بإصدارها جريدة يومية، وشُكّلت جمعية عمومية وطُرحت أسهم للاكتتاب فيها، لكن تعثر جمع المبلغ المطلوب بسبب الأزمة المالية العالمية . وقال "الغامدي" إننا نحينا الانطباعات عن جدوى إصدار صحيفة يومية في زمن الإنترنت ومستقبل الصحف المطبوعة، ولجأنا إلى الدراسات المتخصصة لعمل دراسة جدوى حول "الشرق"، وهل السوق السعودي في حاجة إلى صحيفة يومية جديدة أم لا؟ وتعرض "قينان" إلى أوضاع الصحافة العالمية الورقية وتطورها ونموها مالياً واستثمارياً، وخلص إلى أن العديد من الصحف الأمريكية والأوروبية شهدت نمواً كبيراً، وحققت أرباحاً ملموسة حتى في ظل الأزمة الاقتصادية، وطوّرت نسختها الورقية ومواقعها، وأن الإيرادات الإعلانية في الصحف الورقية الأمريكية حققت قفزات كبيرة من عام 2000 إلى2007م، ثم جاءت الأزمة المالية فكان لها تأثير سلبي على الكثير من هذه الصحف . وقال الغامدي إن الصحف القوية ورقياً ستكون قوية إذا تحوّلت إلى صحف إلكترونية، وإن الصحف الإلكترونية إذا قدمت خدماتها نظير مقابل مادي ستكون مثل الورقية. أكد أن الصحف المطبوعة ما زالت هي الأقوى تأثيراً الآن، وتستأثر بالسوق الإعلاني، ولكن لا يعني هذا أن الصحف الورقية ستخلد، فعلى حد قوله: "فقد تجرى بعد عام أو عامين دراسة تؤكد نتيجتها أن الصحافة الورقية في طريقها إلى الزوال". وخلصت الدراسة التي أجرتها المؤسسة التي ستُصدر "الشرق" - والكلام لا يزال ل"قينان" - إلى أن المضمون هو الأساس في نجاح أي مطبوعة ورقية؛ فهو الذي سيجذب القارئ، وأن الوضع المتقدم والكبير للمملكة يجعلها قادرة على استيعاب العديد من الإصدارات الصحفية، وأن المنطقة الشرقية التي تصدر منها الصحيفة الجديدة تعدّ أكثر مناطق المملكة نمواً وازدهاراً، ويحتاج السوق الإعلامي والإعلاني بها إلى العديد من الإصدارات؛ فحجم السوق الإعلاني سنوياً بالشرقية 450 مليون ريال، تستأثر صحيفة "اليوم" التي تصدر في المنطقة ب 30 % فقط منه، وأن 70% بدون استيعاب منظم. أشار إلى أن المملكة تعدّ أكبر سوق إعلاني على مستوى العالم العربي . ونفى "الغامدي" أن تكون صحيفة "الشرق" مناطقية، وقال "إنها صحيفة الوطن"، ولكنه اعترف بأن لكل صحيفة سعودية منطقة أكثر توزيعاً فيها. مشيراً إلى أن صحيفة "الوطن" صارت الصحيفة الثانية على مستوى المملكة، والأولى في عسير. أكد أن فرص نجاح "الشرق" كبيرة، وقال: "تبدو عملية ناجحة، ويتوقع أن تحقق ربحية أكبر". ودلل بنتائج عينات الدراسة التي أُجريت على أفراد ومؤسسات سعودية بأن 90% يؤيدون إصدار صحيفة جديدة، ونسبة التأييد لها وصلت 100% بين المؤسسات التجارية. مشيراً إلى أن السوق مفتوح لمزيد من المطبوعات . وقال: الاعتماد الجوهري سيكون على المضمون سواء قدمناه ورقياً أو إلكترونيا. وأشار إلى خروجه من عضوية مجلس إدارة "الوطن" في الدورة الأخيرة بعد أن صار رئيساً لتحرير "الشرق". مؤكداً أن هامش الحرية الصحفية في المملكة مرتفع، ولكنه استدرك قائلاً: "الحرية الصحفية في السعودية تعلو وتهبط، وهي ترتبط بأمرين: الأول: رؤساء التحرير والمسؤولون عن الصحف والمدى الذي يتحركون فيه. والثاني: المتغيرات السياسية والاقتصادية في العالم، وهي لها تأثير مباشر على موضوع الحريات". معترفاً بأنه عند إصدار جريدة "الوطن" كان هناك جرأة في الطرح والتناول، ولكن الآن صارت الجرأة عادية في زمن الإنترنت. معتقداً أن الصحف السعودية في حاجة إلى قفزات نوعية، خاصة في حالة استخدام هامش الحرية، وقال: إن الصحف السعودية صارت في المقدمة في العالم العربي كله من حيث الأرباح الهائلة . وعن "الإقصائية" في الصحافة السعودية قال الغامدي: الصحافة صناعة استثمارية، إذا لم تحقق أرباحاً فسوف تفشل الصحيفة، وهذا قد يكون نوعاً من الإقصائية؛ لأنها تستقطب من يروج لها. وأضاف "الصحيفة تستقطب وفق هويتها، والهوية ليست عيباً، ولا بد أن يكون لكل صحفي هوية". معترفاً بوجود الشللية في الصحف السعودية، ولكنه قال: "لا أعتقد أنها كانت شللية خاصة في زمن الحداثة بقدر ما كانت استقطاباً". ودافعالغامدي بشدة عن حق إصدار الصحف، وقال: "أنا مع إصدار أي عدد من الصحف، وكذلك إعادة إصدار الصحف القديمة والمحجوبة إذا رغب أصحابها". مؤكداً أن المملكة تحتاج إلى صحف محلية لكل مدينة لا لكل منطقة، مشيراً إلى أن بعض المناطق في المملكة تعادل مساحتها مساحة دول، وتساءل: لماذا لدينا نوع من الرهاب والخوف من الإذن للصحف الجديدة أو من إغلاق الصحف؟ وقال "ما زلنا نعامل الصحف بنوع من القداسة التي لا تستحقه". مشيراً إلى أن بعض الصحف العربية تقتات على السوق السعودي، وليس لها رواج في بلدانها. ونفى الغامدي أن يكون لديه، بوصفه رئيس تحرير لصحيفة "الشرق"، حساسية من صحيفة "اليوم"، وقال: "كلهم زملائي وأصدقائي", ورفض الإفصاح عن مضمون "الشرق"، وقال "ستجدون المضمون مقروءاً في الصحيفة عند صدورها"، وأضاف: إذا لم تنجح الصحيفة الجديدة في خلق قارئ جديد لها فلن تصدر". نفى أن تكون صحيفته تكراراً للصحف السعودية القائمة، وأضاف "نأمل ألا تكرر الشرق ما يفعله الآخرون". وأكد المنافسة الشريفة بين الصحف على القارئ والمعلن، فيما اعترف بأن مواقع الصحف الإلكترونية مماثلة للصحف الورقية، ولا جديد فيها . واعتبر الغامدي أن أي مسؤول في صحيفة يستبعد ما لا يتفق مع رأيه فهو يحفر قبره بيده، فيما نفى استقطاب صحفيين من الصحف، ولكنه اعترف بأنها "تهمة تلاحقني"، وأكد أنه الموظف الوحيد في التحرير في صحيفة "الشرق" حتى الآن. وقال الغامدي إنه لم يتم توظيف محرر واحد، ولكن تم استئجار المبنى الخاص بالصحيفة. وتابع :""أي صحفي يجد الرعاية في صحيفته لن يتركها". مشيراً إلى استقطاب الشباب والفتيات المؤهلين علميا، ومؤملاً كثيرا على 80 ألف سعودي مبتعث للخارج سيعودون للوطن. وأكد أن الدعم الحكومي المباشر للصحف السعودية توقف، واعترف بإطلاق اسم "البلدوزر" عليه، وقال: "الوصف جاء في مقال شتيمة لي". ونفى وجود مظلة لصحيفة "الوطن"، وقال: "لو كان لها مظلة لكانت حمت رؤساء تحريرها". أكد أن الأمير خالد الفيصل لا يتدخل أبدا في تحرير "الوطن"، وكان يتعامل مع الصحيفة بوصفه أمير منطقة، ولا علاقة له بسياسة التحرير حتى اليوم. كما أكد أن الأمير محمد بن فهد ليس من المساهمين في "الشرق"، وقال: "أعتقد أنه ليس لديه رغبة في ذلك". واعترف بأن المعلومات عن الصحف السعودية يتم استقاؤها من دبي . وكان اللقاء قد شهد مداخلات ساخنة من الأدباء والمثقفين والإعلاميين، وهناك من كال المديح لقينان الغامدي، وهناك من اختلف معه بشدة، ومَنْ رأى أنه لم يجب عن تساؤلات ملحة حول "الشرق" ومضمونها.