سخرت سوريا يوم الاربعاء من انتقاد الاتحاد الاوروبي لحملة دمشق العنيفة على الانتفاضة الشعبية قائلة انه أظهر أن أوروبا تريد زرع الفوضى في البلاد. وأعرب وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن ثقته في عدم حدوث تدخل عسكري خارجي في سوريا ولا فرض منطقة حظر جوي على غرار التي يفرضها حلف شمال الاطلسي على ليبيا رغم الضغوط الدولية المتزايدة على البلاد وانتفاضة مستمرة منذ ثلاثة أشهر على حكم عائلة الأسد المستمر منذ 40 عاما. وقال المعلم خلال مؤتمر صحفي في العاصمة السورية يوم الأربعاء "هناك ردود فعل صدرت على خطاب الرئيس الاسد من مسؤولين أوروبيين لديهم مخطط يريدون السير به لزرع الفوضى والفتنة في سوريا." وأضاف "كفوا عن التدخل بالشأن السوري ولا تثيروا الفوضى ولا الفتنة وأن الشعب السوري بروحه الوطنية العالية قادر على صنع مستقبله بعيدا عنكم." وتوصلت الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي الى اتفاق سياسي اليوم على توسيع نطاق العقوبات المفروضة على سوريا لتشمل أربعة كيانات مرتبطة بالجيش وسبعة أفراد منهم ثلاثة ايرانيين لهم صلة بقمع الاحتجاجات. وقال دبلوماسي في الاتحاد الاوروبي "هناك اتفاق سياسي على توسيع نطاق القائمة" مضيفا أن العقوبات الجديدة ستصبح سارية يوم الجمعة بمجرد أن تقدم الدول السبع والعشرون أعضاء الاتحاد موافقتها الرسمية على القرار. وحذر المعلم من أن سوريا ستتوجه نحو مناطق أخرى سعيا للتبادل التجاري وللمساندة. وقال في المؤتمر الصحفي "سننسى أن هناك أوروبا على الخارطة وسنتجه شرقا وجنوبا وفي كل اتجاه يمد يده الى سوريا. العالم ليس أوروبا فقط. وسوريا سوف تصمد." وكانت دول غربية قد عملت قبل الانتفاضة الشعبية على اعادة تنمية العلاقات مع دمشق بعد فترة فرضت خلالها عزلة عليها لمحاولة اضعاف تحالفها الاستراتيجي مع ايران. وتعهد الاسد في خطاب ألقاه يوم الاثنين هو الثالث منذ بدء الاحتجاجات باجراء إصلاحات ودعا الى حوار وطني. وتقول جماعات لحقوق الانسان ان 1300 مدني قتلوا خلال الاحتجاجات. ورفض الكثير من السوريين ومن زعماء العالم تعهدات الاسد ووصفوها بأنها غير كافية. وقال ناشط في المعارضة ان أعمال العنف في سوريا استمرت يوم الثلاثاء وان مسلحين قتلوا سبعة أشخاص في مدينتين خلال احتجاجات متعارضة لمؤيدي الاسد وخصومه. وقال المعلم ان سوريا لن تقبل مطالب من خارج سوريا وان العقوبات الامريكية التي فرضت على بلاده عام 2003 هي السبب في تأخر الاصلاحات. وحث تركيا على إعادة النظر في رد فعلها الفاتر لخطاب الاسد وقال ان سوريا حريصة على " أفضل العلاقات مع الجارة تركيا." ووصف السفير السوري لدى تركيا نضال قبلان يوم الأربعاء العلاقات السورية التركية بأنها " استراتيجية" لكل من البلدين وللمنطقة بأسرها لكنه اضاف أن دمشق تتوقع موقفا أكثر "انصافا" من جارتها. وقال لرويترز "نعتقد أن بعض التصريحات التي صدرت كانت أقوى بعض الشيء مما ينبغي." وأضاف "انهم (المحتجون) متشددون اسلاميون أعضاء في القاعدة ولهم جدول أعمالهم الخاص وانتماءات وبرامج خارجية. رأينا ما فعلوه في أفغانستان والعراق وفي بعض دول الخليج الاخرى." وذكر سكان وناشطون أن مئات السوريين اعتقلوا منذ يوم الثلاثاء رغم اعلان الاسد عن عفو عام هو الثاني خلال ثلاثة اسابيع. وكانت معظم الاعتقالات في المناطق الساحلية بمدينة حمص ومحافظة دير الزور في شرق البلاد المتاخمة للمنطقة الرئيسية التي يغلب السنة على سكانها في العراق. كما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن مئات الطلاب ضربوا واعتقلوا خلال الليل في مساكن الطلبة بجامعة دمشق. وقال المرصد في بيان ان أوضاع حقوق الانسان في سوريا تتفاقم مع تزايد هجمات قوات الامن والعصابات على الاحياء ومع المزيد من الاعتقالات التعسفية في البلاد. وبعد العفو الاول أفرجت السلطات عن مئات السجناء السياسيين لكن جماعات حقوق الانسان لم تبلغ عن أي سجناء أفرج عنهم بعد العفو الثاني. وتقول تلك الجماعات ان سوريا فيها زهاء 14 ألف سجين سياسي. واعتقل زهاء عشرة الاف شخص خلال الاحتجاجات وبات مئات آخرون في عداد المفقودين بعد أن شهودت قوات الشرطة تقتادهم. وتقول السلطات ان عصابات مسلحة قتلت أكثر من 200 من أفراد الشرطة وقوات الامن. ويغلب السُنة على سكان سوريا البالغ عددهم 20 مليون نسمة ويطالب المحتجون باصلاحات سياسية ورحيل عائلة الاسد العلوية من السلطة. وكانت الاحتجاجات أكبر في المناطق الريفية والمدن والبلدات التي يغلب السُنة على سكانها. وتتزايد المخاوف من اندلاع أعمال عنف طائفية في سوريا --التي يسكنها خليط من العلويين والسُنة والمسيحيون والاكراد والدروز وغيرهم من الطوائف-- على غرار الصراع الطائفي الذي مزق العراق في أعقاب الاطاحة برئيسه الراحل صدام حسين. وتتاخم حدود سوريا كلا من اسرائيل ولبنان والعراق وتركيا والاردن ولها نفوذ اقليمي بسبب تحالفها مع ايران ودورها المستمر في لبنان رغم أنها أنهت عام 2005 وجودها العسكري الذي استمر 29 عاما هناك. كما أن لها نفوذ أيضا في العراق. وزادت قائمة العقوبات الجديدة التي أعدتها بريطانيا وفرنسا العدد الاجمالي للافراد والكيانات الذين تشملهم عقوبات الاتحاد الاوروبي على سوريا الى 34. وقال الدبلوماسي الاوروبي ان الايرانيين ضالعون في تقديم معدات ومساندة فنية للسلطات السورية لقمع الاحتجاج. ونفى المعلم تدخل ايران أو حزب الله اللبناني في مواجهة المحتجين السوريين وقال ان قتل بعض أفراد الشرطة والجنود يشير الى أن تنظيم القاعدة قد يكون وراء بعض أعمال العنف. وقال دون أن يخوض في التفاصيل "بعض الممارسات التي شاهدناها في بعض االمحافظات من قتل لعناصر الامن وتمثيل في جثثهم تعطي مؤشر أن هذه الاعمال يقوم بها تنظيم القاعدة." وأضاف الاتحاد الاوروبي في مايو أيار الاسد ومسؤولين كبارا اخرين على قائمة الممنوعين من السفر الى دوله والمجمدة اصولهم.