قتل بحرينيان أحدهما شرطي والآخر متظاهر وجرح العشرات، في تصاعد لافت للمواجهات بعد يوم من دخول قوة سعودية وأخرى إماراتية إلى البحرين لمساعدة سلطاتها على وقف الاضطرابات. وذكرت تقارير أن جنديا سعوديا قتل بطلق ناري. يأتي ذلك في وقت أعلن فيه ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة فرض حالة الطوارئ في المملكة. وقالت مصادر طبية إن متظاهرا على الأقل قتل برصاص قوات الأمن البحرينية في مواجهات في بلدة سترة. وقال نائب معارض إن المتظاهر توفي متأثرا بإصابات في الرأس، مشيرا إلى أن عددا آخر من المتظاهرين أصيبوا أيضا في المواجهات. وأفاد شهود عيان في منطقتي سترة والمعامير جنوب العاصمة المنامة إن قوات الأمن استخدمت الرصاص الانشطاري والمطاطي إضافة إلى الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في مناطق متفرقة. من جهتها ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن شرطيا بحرينيا قتل عندما دهسه أحد المحتجين بسيارته. تظاهرة في هذه الأثناء خرج آلاف المتظاهرين في مسيرة إلى السفارة السعودية بالمنامة، ورددوا شعارات تطالب الرياض بسحب القوات السعودية وقوات درع الجزيرة التي دخلت البحرين مساء أمس. وفي منطقة دوار اللؤلؤة وسط العاصمة البحرينية أطلق المعتصمون نداءات استغاثة للمجتمع الدولي -عبر اتصال بالجزيرة نت- للضغط على البحرين لوقف ما وصفوها بالاعتداءات الوحشية في المناطق المختلفة، في وقت أكدوا فيه أنهم تلقوا تهديدا من مصادر بضرورة إخلاء الدوار وإلا تعرضوا لاقتحام الجيش البحريني. وبدأ المعتصمون وبينهم نساء وأطفال في قراءة القرآن والدعاء والمناجاة عبر الميكروفونات المنصوبة في المنطقة وسط حالة من الحزن والترقب لأي اقتحام للدوار في الساعات القليلة القادمة. في هذه الأثناء نقلت صحيفة الوسط البحرينية عبر موقعها الإلكتروني عن مصدر بحريني أن العسكري الذي توفي اليوم أثناء المواجهات هو من شرطي بحريني وليس أحد أفراد من الجيش السعودي كما ورد عبر وكالات الأنباء. وكان مصدر أمني سعودي ذكر قبل ذلك أن أحد الجنود السعوديين الذين وصلوا إلى البحرين قتل اليوم الثلاثاء متأثرا بطلق ناري أطلقه مجهول في اشتباكات مع المتظاهرين، دون أن يشير إلى مكان مقتل الجندي. طوارئ وعلى وقع هذه التطورات المتسارعة فرضت السلطات البحرينية حالة الطوارئ في البلاد على نحو فوري ولمدة ثلاثة أشهر. وجاء في بيان تلي بالتلفزيون البحريني أن الملك كلف قائد قوات الدفاع باتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية سلامة البلاد والمواطنين، على أن تنفذ هذه التدابير قوة دفاع البحرين وقوات الأمن العام والحرس الوطني وأي قوات أخرى إذا اقتضت الضرورة ذلك. وأضاف ملك البحرين أن "التصعيدات الأمنية طالت مؤسسات الدولة ودور العبادة وأساءت لمنابر العلم في المدارس والجامعات حتى وصلت لتطول مهنة الطب الإنسانية وحولت المستشفيات إلى بؤر رعب وترهيب، كما عملت على الإضرار بعجلة التنمية والاقتصاد البحريني". ويعطي القانون السلطات المكلفة بإدارة حالة الطوارئ 15 تدبيرا وإجراء يشمل سلطات على التنقل والمرور والتفتيش ومنع التجمعات وإيقاف مؤقت لجمعية أو نقابة، وتوقيف الصحافة لمدة سبعة أيام قابلة للتجديد بإذن من النيابة العامة، وتوقيف الأشخاص لمدة سبعة أيام قابلة للتجديد بإذن من النيابة العامة، ومراقبة المراسلات والمحادثات بإذن من السلطة القضائية. وجاء إعلان حالة الطوارئ بعد يوم على دخول قوة سعودية وأخرى إماراتية إلى البحرين لمساعدة سلطاتها على وقف الاضطرابات. اتهامات لإيران في هذه الأثناء اتهمت البحرين إيران بالتدخل في شؤونها وتهديد أمن المنطقة، وقررت استدعاء سفيرها في طهران للتشاور. ونقلت وكالة أنباء البحرين الرسمية بنا عن حمد العامر وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون إدانته لتصريح وزير خارجية إيران علي أكبر صالحي الذي قال فيه إن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه تدخل السعودية في البحرين. وأضاف أن البحرين تدين بشدة هذا التصريح الذي يعد تدخلا في شؤونها الداخلية وترفضه رفضا باتا وقاطعا باعتباره تهديدا لأمن المنطقة وإخلالا بالسلم والأمن الدوليين. وأشار العامر إلى أن المنامة على اتصال مع الأممالمتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي حول هذا التدخل الإيراني السافر. وقال إن دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين يأتي انطلاقا من وحدة المصير المشترك وترابط أمن دول مجلس التعاون على ضوء المسؤولية الجماعية المشتركة للمحافظة على الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيرا إلى أن مملكة البحرين قررت استدعاء سفيرها في طهران بصفه فورية للتشاور. وكان صالحي قال أمس الاثنين إن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي في حال حصول أي تدخل سعودي لإبادة الشيعة في البحرين، داعيا الحكومة البحرينية إلى عدم التعامل بعنف مع المحتجين. وقد استدعت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم سفيرة سويسرا بطهران ليفيا لواغوستي التي ترعى المصالح الأميركية بإيران للاحتجاج على ما وصفته بدعم واشنطن لدخول قوات أجنبية إلى البحرين. وقالت وكالة مهر الإيرانية شبه الرسمية إن وزارة الخارجية سلمت لواغوستي أكدت احتجاج طهران على التصرفات غير القانونية للإدارة الأميركية، واعتبرت أن دعم أميركا للتدخل العسكري يتعارض بشكل سافر مع المبادئ البدهية للقوانين الدولية وميثاق الأممالمتحدة، لذا فإن إيران وضمن احتجاجها فإنها تحمل الولاياتالمتحدة العواقب الخطيرة لهذا التصرف اللا قانوني. وبالتزامن مع ذلك حذر رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني من أن إرسال قوات عسكرية من الولاياتالمتحدة وبعض دول المنطقة إلى البحرين سيجعلهم "يواجهون غضب الشعب البحريني". واعتبر لاريجاني في كلمة أمام الجلسة العلنية لمجلس الشورى الإسلامي اليوم الثلاثاء أن زيارة وزير الدفاع الأميركي إلى البحرين و"المواقف الضبابية للدول الأوروبية تكشف السلوك الحقيقي لأميركا والغرب". وحذر لاريجاني حكام المنطقة من أن "تدخلهم العسكري بتوجيه من أميركا لن يمر دون أن يدفعوا الثمن". وبدوره قال المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمان باراست في مؤتمر صحفي أسبوعي "إن وجود قوات أجنبية والتدخل في شؤون البحرين الداخلية غير مقبول وسيزيد الأمر تعقيدا". ردود فعل ويأتي ذلك في وقت تتواصل فيه ردود الفعل الإقليمية والدولية على دخول قوات خليجية إلى البحرين. خليجيا دعا رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني البحرينيين إلى الدخول في حوار جاد يؤدي إلى حل مشاكل البحرين، وأشار إلى ضرورة البعد عن التوتر. وعلى صعيد المواقف الدولية، أعربت مجموعة الثماني عن قلقها من إرسال قوات مسلحة خليجية إلى البحرين. وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن دول المجموعة تأمل في رؤية ما سمته تحولا ديمقراطيا في البحرين، معتبرا أن هذا التحول هام في المملكة والبلدان الأخرى على حد سواء. وقبل ذلك أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان عن قلقه من دخول قوات خليجية إلى البحرين، وقال إنه "انزعج من العنف الذي خلف عددا من الجرحى في الأيام القليلة الماضية". وشدد البيان على أن الأمين العام الأممي "يؤمن بشدة بضرورة اعتماد السبل السلمية لضمان الوحدة الوطنية والاستقرار"، داعيا كل المعنيين في البحرين إلى إظهار أقصى درجة من ضبط النفس والقيام بكل ما أمكن للحؤول دون استخدام القوة والمزيد من العنف. من جهة أخرى نقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي قوله إن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عبرت عن "قلقها العميق بشأن الوضع" في البحرين أثناء محادثاتها مع وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد في باريس حيث تشارك في اجتماع وزراء خارجية مجموعة الثماني. وأضاف هذا المسؤول أن كلينتون "أوضحت أن رأي الولاياتالمتحدة هو أن الحل يكمن في عملية ذات مصداقية للإصلاح السياسي تبدأ على الفور وليس في عمل عسكري". وأضافت أيضا "من الضروري أن تتفادى جميع الأطراف العنف والاستفزازات". كما دعت كلينتون -وفق مسؤول أميركي كبير- جميع قوات الأمن في البحرين، بما في ذلك تلك التي أرسلتها دول خليجية أن تظهر ضبط النفس، مشيرا إلى أن السعودية لم تتشاور مع واشنطن قبل إرسال قواتها إلى البحرين. وكان المتحدث باسم البيت الأبيض غاي كارني اعتبر في تصريحات للصحفيين أمس أن دخول قوات خليجية إلى البحرين ليس غزوا. تحذير من جهة أخرى ذكرت وكالة رويترز أن وزارة الخارجية الأميركية حثت رعاياها على تجنب السفر إلى البحرين، وأصدرت الوزارة ليل الاثنين بيانا تدعو فيه الأميركيين إلى تأجيل أسفارهم في الوقت الحالي إلى البحرين. كما دعت الأميركيين الموجودين حاليا في البحرين إلى دراسة خيار المغادرة، وقالت الوزارة إنها سمحت بمغادرة عائلات موظفي السفارة الأميركية. وتشهد البحرين منذ 3 فبراير/شباط الماضي مظاهرات تنادي بالإصلاح السياسي والاقتصادي، تحولت إلى مواجهات مع قوات الأمن وأسفرت عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل وعشرات الجرحى.