الاقتصادية - السعودية يقول أحد رجال الأعمال المخضرمين، الذي بدأ تجارته من أكثر من 50 عاما: في السابق كنا نستأجر الدكان (المتجر) ثم نفكر ماذا سنبيع فيه، ولم يكن أحدنا – والكلام للرجل – يلتزم ببيع سلعة معينة، فكان يشتري السلوق من القطيف ويبيعه في قطر، أو يدلل على بيت للبيع ليأخذ مبلغ السعي – العمولة – أو يبيع التبن أو البرسيم أو أي سلعة يستطيع شراءها وعليها طلب. وكان الرجل هو البائع والكاتب والمشتري وكل شيء في ذلك المتجر، وكما يقول الرجل إن كثيرا من التجار الذين توفوا في ذلك الوقت انتهت تجارتهم ببيع دكاكينهم على أحد جيرانهم أو أحد الداخلين الجدد للسوق. اليوم، يجب على كل داخل للسوق دراسة السوق دراسة عميقة، وهذا يعود لشدة المنافسة وتطور أساليب البيع والتسويق، ومع الدراسة والتخطيط، لا يضمن من يدخل للسوق نجاحه من أول محاولة. يقول روبرت كايوساكي مؤلف كتاب مربع التدفقات النقدية إن هناك فرقا بين من صاحب الشركة وصاحب الدكان، صاحب الدكان يفتح دكانه بهدف إيجاد قوت يومه، وصاحب الشركة هدفه استثمار أمواله وزيادتها، ولكن كثيرا من أصحاب الدكاكين – بلغتنا الدارجة – يعتقدون أنهم يمتلكون شركات، فلديهم موظفين ويبيعون بالملايين. يعتقد البعض أن وجود موظفين وفروع لتجارته تعني أنه صاحب شركة، إلا أن الفارق الحقيقي بين الدكان والشركة هو نظام العمل أو نموذج العمل داخل المنشأة، في الدكان، صاحب الدكان هو محور العمل، فهو صاحب قرار الشراء وهو صاحب قرار البيع وهو صاحب قرار التوظيف والفصل، وإذا غاب عن المنشأة تعطل كل شيء، أما صاحب الشركة الحقيقية، فهو من يضع نظاما ونموذجا للعمل يسيره موظفون أكفاء، وليس لحضوره اليومي أو غيابه أي أثر على هذا النظام، فهو يسير بشكل متناغم لتحقيق هدف الشركة أو المؤسسة. اليوم نجد كثيرا من الشركات التي تبيع بمئات الملايين ما زالت تدار بطريقة إدارة الدكاكين، فلا يزال صاحب الشركة يوقع على صرف فواتير المحروقات والشاي والقهوة، وحتى مع وجود موظفين، فإنه لا يستطيع أن ينفك عن مزاولة وبسط سيطرته الشخصية على كل جوانب العمل، أي أن حوكمة الشركة تتم في وجوده هو فقط، وإذا غاب انهار هذا النظام بالكامل. وهذا ينعكس سلبا على نمو الشركة وتوسعها أفقيا وعموديا، فأنت كصاحب مال أعطيت ما تملك من أفكار وجهد في إنشاء نشاط المنشأة، وحتى لو كنت (أنشتاين) التجارة، فلن تستطيع وضع الخطط الاستراتيجية ومزاولة العمل التنفيذي في منشأتك، واعلم أن الذكاء هو توظيف العقول والكفاءات لخدمة مصالحك، لا مزاولتك العمل التنفيذي من المهد إلى اللحد. إن كل منشأة صغيرة تستطيع التحول إلى شركة بوضع نموذج ونظام للعمل داخلها، حتى لو كان عدد موظفيها لا يتجاوز خمسة موظفين، فالعبرة ليست في العدد، بل في التنظيم، عندها فقط سيكون نمو هذا الدكان لشركة كبيرة كما وكيفا سهلا ويسيرا. احذر أن تكون صاحب دكان، لأن الدكان لا ينمو.