مكة أون لاين - السعودية التطور التقني الهائل في السنوات الأخيرة أدى إلى انتشار العديد من القنوات التلفزيونية والإذاعية وبالتالي ظهور أعداد كبيرة من الإعلاميين يفتقر معظمهم إلى الخبرة والتجربة والممارسة والإعداد الجيد فضلا عن التخصص العلمي في مجال الإعلام.. بعض هؤلاء لم يكمل سوى تعليمه الأساسي العام.. وكثير منهم لا يمتلك حتى المقومات الأساسية للإعلامي المذيع من صوت ودراية بفن التخاطب ومعرفة بأساليب الحوار وتوفر الحد الأدنى من الثقافة والاطلاع.. وفوق كل هذا يتسم الكثير منهم بالغرور والتعالي حتى على ضيوفهم في برامجهم.. نشاز صارخ ينم عن جهل مركب وأخطاء بالجملة وأسلوب هابط لا يليق بأي قناة تلفزيونية أو إذاعية تحترم نفسها.. ومع ذلك فهناك المتميزون والمؤهلون والمقتدرون.. أصحاب التجربة والخبرة والدراية والممارسة.. من يمتلكون المقومات الصوتية المميزة والحس الإذاعي العالي، ويؤدون عملهم باحتراف ومهنية عالية فضلا عن أدبهم الجم وخلقهم الرفيع وأسلوبهم المهذب.. هنا أُقدم قراءة تحليلية مبسطة لمذيعتين في إذاعة جدة كنموذج للإذاعي المتميز مؤكدا أن هناك آخرين متميزين أيضا.. زكية سندي.. مذيعة مقتدرة، يتسم صوتها بالقوة والعمق والرخامة، ونطقها بالوضوح التام وسلامة مخارج الأصوات، مع إشباع للصوت والكلمة بوقفات في الأماكن الصحيحة، وإيقاع زمني (تيمبو) رائع يعكس حالة الاسترخاء والتنفس الصحيح، ما ينعكس على المستمع راحة وهدوءا.. عالية الثقافة واسعة الاطلاع، ومع ذلك فهي تحضّر لحوارها مع ضيوفها بشكل متميز.. تختار كلماتها بعناية وتصيغ أسئلتها بوضوح ضمن ترتيب وتركيب منظم متناسق.. تحترم ضيوفها بمتابعة وإقبال، ولا تنشغل عنهم أو تتعامل معهم كالمتفضل.. ومع كل ذلك الاحترام فهي تبتعد عن الثناء المبتذل والمديح الزائف للضيف.. ثروة عطار.. أداء رائع وصوت عذب رخيم يرتبط بتنغيم جميل (Intonation Contours).. مخارج حروف واضحة وتحكم مذهل في درجة ارتفاع الصوت وتوظيفه بشكل محترف رائع.. نعومة الصوت تدل على نوم كاف وأخذ وقت كاف من الراحة والأكل قبل التقديم بوقت مناسب، وشرب كميات كبيرة من الماء مع خلو الحنجرة من الشوائب تماما ما يخلق شعورا بالاسترخاء والإحساس العميق بالراحة لدى المستمع.. هكذا يكون التميز وهكذا هم المتميزون.. لا أقدمهما هنا حصرا أو استثناء وإنما نموذجا ليحتذي بهما من هم أقل قدرة وعطاء ومهنية.. وليبحث أصحاب القنوات التلفزيونية والإذاعية الخاصة عن الأفضل والأقدر والأميز بدلا من الرعاع وسقط المتاع، الذين أصابونا بالغثيان ولا يمتون للعمل الإعلامي بصلة جملة وتفصيلا..