مكة أون لاين - السعودية قطر التي حصلت على استقلالها من الإنجليز عام 1971 والتي رفضت الانضمام للاتحاد الإماراتي تعتبر رسميا اليوم أغنى دولة في العالم من ناحية دخل الفرد. فبعد أن كان الاقتصاد القطري يعتمد على صيد السمك واستخراج اللؤلؤ نجده اليوم يعتمد على تصدير البترول والغاز، فقطر لديها اليوم 15% من احتياطي الغاز الطبيعي في العالم. تعداد القطريين في حدود 400,000 نسمة ونسبة البطالة لديها أقل من 1% وقد استغلت هذه الطفرة الاقتصادية بشكل مدروس فقامت ببناء البلد والبنية التحتية للمستقبل فتجد الشوارع فسيحة والمباني غير مكتظة استعدادا لما هو قادم وليس لحاجة اليوم وهو شيء نادر أن تجده في أي مكان في العالم. الاهتمام القطري لم يشمل المباني الخرسانية فقط وإنما شمل العقول فاهتمام قطر بالتعليم وبناء العقول لم يقل أبدا عن بناء الشوارع والمباني، فقد ابتعثت أبناءها واستقطبت ثماني من أكبر الجامعات العالمية لكي تتواجد بقطر مثل: جامعة جورج تاون وجامعة وايل كرونيل وجامعة فرجينيا كومنولث وكلية لندن الجامعية. ما يميز قطر هي أنها قامت بهذه النهضة العمرانية والثقافية مع المحافظة على القيم والتقاليد فإنشاء كلية الدراسات الإسلامية تحت مظلة جامعة حمد بن خليفة كان لتعزيز الفكر والثقافة الإسلامية وتخريج أجيال من الدارسين المتمكنين من أصول العقيدة الإسلامية. الفائض النقدي لقطر هائل جدا فلم تكتفِ باستثماره داخليا وإنما توجهت للاستثمار خارجيا بشكل عنيف ففي عام 2005 تم إنشاء جهاز قطر الاستثماري بهدف استغلال الفائض النقدي وتنويع استثمارات الدولة للتقليل من الاعتماد على النفط والغاز. الجهاز استثمر بشكل جريء ومباشر في أسواق أمريكا الشمالية وأوروبا وشرق آسيا وحتى أمريكا الجنوبية حتى بلغت أصوله اليوم أكثر من 640 مليار ريال في شركات معظمها غير بترولية. عمليات الاستحواذ واجهت العديد من الانتقادات في الغرب ونشرت العديد من المقالات والتقارير التي تحذر بأن قطر تشتري العالم ولكن الغرب رأس مالي لا يتردد في البيع عند طرح السعر المغري وقطر استغلت الأزمة المالية في الغرب بشكل جيد فنجدها اليوم تمتلك 13% من بنك Barclays و17% من عملاق السيارات الألماني Volkswagen وجميع متاجر Harrods وتمتلك الحصة الأكبر في متاجر Sainsbury ومجموعة Canary Wharf العقارية في لندن و3% من عملاق النفط Shell ودفعت 130مليون دولار لشراء نادي باريس سان جيرمان وثم دفعت 340 مليونا أخرى لتعزيز وتقوية النادي الفرنسي ودفعت قرابة 200 مليون دولار لتكون أول راعٍ لنادي برشلونة الإسباني. أما في شرق آسيا فقد ضخت 5 مليارات للاستثمار في ماليزيا ومؤخرا وقعت اتفاقيات بعشرة مليارات دولار للاستثمار في الصين. قطر أنجزت خطتها الخمسية الأخيرة بنجاح وهي تحمل رؤية واضحة حتى العام 2030 من أهمها استضافة كأس العالم 2022 والتي يعمل على إنشاء ملاعبها السبع أكثر من ربع مليون عامل، من المتوقع أن ينهوا العمل قبل البطولة بخمس سنوات، ليكون بذلك أكبر عرس رياضي تستضيفه المنطقة في تاريخها. باختصار قطر نموذج جميل.