مكة أون لاين - السعودية قلت في مقال سابق إن الحكمة اليمانية غابت رغم أنف الرهان على جدواها، واستعصى على اليمني تحكيم عقله مما سهل وضعه تحت تصرف الآخرين في حالة استسلام لإملاءات من لا يريدون باليمن خيرا، وإلى ذلك ألمحت بكل صراحة إلى أن أبواب الشر فتحت في الداخل اليمني بمفاتيح الأطماع الخارجية الحالمة بالتوسع في المنطقة على أي حساب، حتى وإن كان من مسوغات فتح الحساب ضياع الإنسان والمكان في أي لحظة. هذا ما حدث فعليا في اليمن من خلف وعي أبنائه المستيقظين يوميا على أكثر من عملية انزلاق في دوائر المجهول، لتكون النتيجة المبدئية الشاملة وديعة أليمة في خزانة كل أسرة يمنية، والمؤسف أن كل هذا يحدث على أيادي اليمانيين أنفسهم، وليس من المجازفة أن أضفت مع سابق الإصرار. اليمانيون ومعهم غيرهم يعرفون الطريق الصحيح إلى سلامة اليمن ونهضته، ومقابل ما يحدث يمكن القول إن اليمانيين في الغالب يكابرون ويقفزون على الحقائق بمظلة المليشيات والأحزاب الملونة بالأحقاد الدفينة والتمنيات المعلقة في الهواء، مرد هذا الاعتقاد يعود إلى جمود الحركة الشعبية اليمنية في وجه الأشرار في الداخل، ذلك الجمود الذي أفضى كما أعتقد إلى تمتين حبل التبعية للخارج، الخارج على المبادئ الإنسانية كما تكشف الأحداث التي لا يصعب على الراصد إسناد حدوثها للتعبئة المفصلة على مقاسات الأطماع الخارجية، وتحقيق ما أمكن من التواجد على حساب اليمن بمن فيه. ولعل موقع اليمن الاستراتيجي كان وما زال فاتح شهية ايدلوجية وسياسية وأيضا اقتصادية لكل الجياع والأشرار. اليمانيون وقعوا في فخ الصراعات الداخلية المنتهية ضد الشرعية، وتأخروا في صد تمدد الصراع، وإلى حد ما استداروا على إيعاز بعض الأحزاب إلى الخلف أيضا صافح بعضهم المليشيات الخارجة على الوطن ومصالحه العليا. كل التفاصيل اليوم مكشوفة للأشقاء في اليمن وبإمكانهم لتلافي الوضع أن يقفوا إلى جانب الشرعية ويفتحوا آذانهم إلى صوت دول الخليج بقيادة الداعم الأول لليمن، السند الكبير للإنسان اليمني في كل أحواله، أقصد المملكة العربية السعودية، التي وجدت نفسها مضطرة للدفاع عن نفسها، بنفس الدرجة التي وجدت نفسها مضطرة لتلبية نداء الشرعية اليمنية المستغيث بالله ثم بالقيادة السعودية للسيطرة على الفوضى العارمة التي باتت تنشر الخطر وتهدد الجميع. كان على عقلاء اليمن ومفكريه، على هامش سيطرة المليشيات وبدايات تلاشي النظام، إدراك عواقب الأمور ولو من باب فحص المواقف «الحوثصالحية» المواقف المضادة للشرعية ولكل محاولات إحلال السلام التي تبنتها دول الخليج بمبادرة وقيادة السعودية لغرض حفظ أمن الإنسان اليمني في المقام الأول وتجنيب أرضه ويلات الحروب. الآن ما زالت الفرصة سانحة لكل يمني يتوق إلى السلام ورفعة اليمن، وكل المعطيات تفرض على اليمانيين العودة إلى تحكيم العقل، والاستدارة عن وجه المليشيات والأحزاب، بعد أن انكشفت كل الأوراق. فهل يفعل اليمانيون الشرفاء وينقذون أنفسهم ووطنهم؟ الأمل في الرياض..وبكم يتجدد اللقاء.