طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي نقل جلسات اللقاءات اليمنية إلى الرياض، وموافقة دول مجلس التعاون على طلبه، تصحيح لمسار الأزمة اليمنية وتحريرها من الاختطاف على أيدي الحوثيين الذين يتلقون تعليماتهم من طهران، ويهدفون إلى إطالة الأزمة في اليمن وإشعال حرب أهلية تمتد سنين طويلة. توجد مبادرة خليجية حازت على موافقة جميع الأطراف اليمنية، ورعت دول الخليج حواراً وطنياً يمنياً أسفر عن مخرجات صادقت عليها جميع الفصائل اليمنية، ولكن الذين لا يروق لهم أن يعود السلام إلى ربوع اليمن، مثل الحوثيين وحلفائهم، قرروا خلط الأوراق مجدداً لمنع اليمن من الانعتاق من الأزمة، وليبقى ميداناً للفتن والمؤامرات والاشتعالات وتصفية الحسابات؛ لأن الحوثيين في الأصل ينتهجون ثقافة الصراع وتبنى عقيدتهم الفكرية على استمرار الشقاق بين الناس، لهذا يحاربون أجواء السلام والوئام، في اليمن وفي غيره، ببساطة لأن السلام يشكل نفياً طبيعياً لهم، وإفراغاً للمهمة الإيرانية التي يضطلعون بها. والحوثيون -في بياناتهم وخطاباتهم- يعطون للناس كلاماً معسولاً، في الوقت الذين يشنون حرباً ميدانية دامية، ويقتحمون المنازل وينتهكون الحرمات في المدن اليمنية، ويملأون سجونهم باليمنيين الأبرياء، وكل من يرفض التبعية لطهران، ويلفقون التهم لخصومهم لتبرير نهجهم العنيف وسلوكهم العدواني، تماماً نفس النهج الذي يمارسه حزب الله في لبنان وفي سوريا، ونفس النهج الذي تمارسه الميلشيات الإيرانية في العراق، فهذه جميعها تنتهج خطاً واحداً وتلتزم بتعليمات جنرالات إيران وتطبق التعليمات الموحدة التي ترسل إلى سورياوالعراقولبنان واليمن. نقل اللقاءات اليمنية إلى الرياض قرار صائب يتعين أن ينفذه اليمنيون، مع توقع مقاومة من الحوثيين وحلفائهم الجدد الذين يعارضون أي توجه يمني نحو الاستقرار والسلام. ويتعين أن تقف دول مجلس التعاون الخليجي هذه المرة بصلابة وحزم ضد أطماع الحوثيين ومؤامرتهم الشريرة، وأن تضع الدول الخليجية كل ثقلها مع الرئيس اليمني والقوى الوطنية اليمنية، لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني اليمني حرفياً بما فيها حدود الأقاليم اليمنية الستة، لمنع اليمن من أن تتحول إلى وكر مؤامرات إيرانية تستهدف كل دول الخليج وكل الوطن العربي. ولا يبدو وجود أي خيار أمام دول الخليج إلا أن تقرر حسم الأزمة اليمنية بما يتوافق مع مصالح اليمن والمصالح الخليجية، وأن تكون الدول الخليجية واضحة وحاسمة مع الأممالمتحدة ومبعوثها أيضاً؛ لأن الركض وراء رغبات الحوثيين وإعطاءهم الفرص والوقت سوف يجعل الأزمة في اليمن أكثر استحكاماً وأشد خطراً على دول الخليج؛ لأن طهران في صراعها مع دول الخليج تعتمد على أمرين، هما: إطالة وقت النزاعات والصراعات والأزمات، وفرض الأمر الواقع وتشريعه، وكل سلوكيات الحوثيين وصراعاتهم هندسة إيرانية لزرع الألغام والصراعات في حدود الخليج العربي. ويجب ألا تكرر الدول العربية والخليجية الخطأ الذي حدث في لبنان، حيث تمسكن حزب الله وأعطى كلاماً تخديرياً للبلدان العربية والخليجية، وطرح شعارات، وتعهد بالتزامات، لكنه في النهاية أصبح المحرك الأول للفتن في لبنانوسورياوالعراق واليمن وأصبح الموقد الرئيسي لإشعال المدن العربية بالدماء والموت، وإثارة الطائفية البغيضة. والحوثيون يهدفون إلى إنجاز ذات المهمة، وليس لهم أي هدف آخر، دعك مما يقولون في خطاباتهم وبياناتهم، فهم يعملون على جبهتين، تخدير اليمنيين والخليجيين والعرب بالكلام، ومواصلة تمكين احتلال إيران للمدن اليمنية.