مكة أون لاين - السعودية إصرار البعض على تحريك شر المذهبية على الخارطة الوطنية في ذروة الأزمات يوحي أن ثمة شأنا يتجاوز خطوط المألوف من الخصومات المقيتة التي اعتاد الناس على سماع فحيح موقدي نارها وضجيج أنصارها إلى ما هو أبعد من ذلك. وإلا فما هو السر وراء النبش المذهبي الذي يقوم به البعض في الداخل تزامنا مع تصاعد الأحداث وتعاظم التحديات. أليس من المريب أن تقرع أجراس «حملة تفتيش النفايات» في وقت حساس ودقيق للغاية، ألا يوجد خلف مثل هذا الأمر ما يؤشر على إمكانية استعمال الشحن المذهبي لأغراض أخرى خلاف المزايدة على سلامة الموقف الديني وادعاء امتلاك الحقيقة، كل الحقيقة كما جرت العادة. التوقعات عميقها المتأني وسطحيها العجول مجتمعة أو متفرقة تقول إن نشاط المسألة بشكل عام يتكئ على تعمد تحريك التراكمات التاريخية المشحونة بكل أسباب الكراهية المبنية على عنصرية الانتماء الديني، هذا من حيث المبدأ، ومن التوقعات أيضا أن من يقف وراء مثل هذه الأفعال غارق في الانشغال عن الوطن وهمومه غير مبال بمستقبله، ومن المنطقي والحال هكذا أن تذهب التفسيرات إلى القول بأن الحراك المذهبي المتزامن مع تلاطم الأمواج لم يعد مخصصا للنزهة المعتلة فكريا، بل تعداها إلى استعمال المذهبية نفسها كمطية لبناء مدخل آخر لحراك مصبوغ بألوان سياسية كما يظهر. فعلا بعض الأحداث تفتح كل شيء على كل شيء !!. في السياق، كيف يمكن تفسير ظهور رجل دين تدرج في المناصب التربوية الموصوفة بإمكانية التأثير القوي في تكوين فكر الأجيال الشابة، علاوة على المساهمة في بناء الرأي العام؟ وهو بكامل عتاده المذهبي في مواقع الإعلام المفتوح؟ كيف يمكن تفسير ظهور من يحمل درجة علمية رفيعة تنفي عنه الجهل على الأقل وتعصمه عن عدم الدراية بتبعيات أقواله المنثورة، المؤثرة على اللحمة الوطنية أهم ركائز استقرار الوطن، في مواقع التواصل غير المقيدة بحدود تمنعها من الوصول إلى كل مدى، وهو يذم شريحة عريضة من أبناء الوطن ويحذر من تبادل الثقة معهم عبر الهمز واللمز في مذهبهم وصدقية ولائهم وأمانتهم، في وقت تستدعي زيادة حضور التسامح والتعاضد لتقوية اللحمة الوطنية في وجه كل من لا يريد ولا يتمنى للوطن وأهله غير العيش في عمق بئر المناوشات العنصرية وبين كهوف الخصومات المذهبية التي لا يأتي معها غير البلاء. الخلاصة، أن بيننا من يحاول تمرير تمنياته المسمومة عبر استغلال الظروف الدقيقة بغية شق صف الوحدة الوطنية بأدوات الفتنة المذهبية بين أبناء الوطن وجرهم إلى الانشغال بها على حساب الوطن الذي لا يليق به غير التربع في صدر الرفعة والعزة. انتبهوا لهذه الفئة واحذروا منها، الوضع الراهن يتطلب جبهة داخلية قوية، وشيوخ الفتنة أينما كانوا يحتاجون إلى صفعة بنفس القوة، وبكم يتجدد اللقاء. [email protected]