الاقتصادية - السعودية بعد مباراة الاتحاد والنصر, خرج رئيس الأول يقول: "فين المراقب عن حارس النصر, يلبس نفس لون قميص حارسنا, وكورتنا فساد.. فساد.. فساد". لم يلق التصريح اهتماما حقيقيا من الإعلام والمسؤولين, لأن أي صحافي جمعته مكالمة واحدة مع إبراهيم البلوي, يعرف تماما أن هذا الرجل غلبان بما تعنيه الكلمة من معنى, وأنه لا يعي بدقة معاني المفردات التي تصدر عنه. بعد ثلاثية الهلال في مرمى العميد المكلوم, غابت الفقرة الكوميدية عن الفضاء, وعرفنا بعدها أن الرجل نقل إلى المستشفى, شفاه الله وعافاه وحفظه لأسرته ومحبيه, ورب ضارة نافعة. عملاق جدة الكبير, الذي ترأسه من قبل خريجو الجامعات الأمريكية والأوروبية, ورجال الأعمال المبرزين في البلاد, أصبح مع رئيسه الحالي, أشبه بالرجل المريض, لا استراتيجيات واضحة, ولا خطة عمل حقيقية يمكن قراءة المستقبل من خلالها, ولا حتى رئيس كاريزمي يلتف الناس حوله ويرجون المقبل من الأيام, ثقة به. .. عندما بدأ البلوي السباق إلى الكرسي الأول, أعلن شعار حملته الانتخابية المطبوع على صورته, وفيه كتب: عراقة اتحادية, خبرة وإنجازات, ميزانية مفتوحة. الأولى لا أحد يمكنه أن يشكك, فعلا وقولا الاتحاد عراقة وتاريخ لا ينكره غير جاحد أو جاهل, والثانية كذلك, والعبارتان رغم صدقيتهما لا يمكن لحصيف أن يضعهما شعار حملة انتخابية, فهما عبارتان إنشائيتان تداعبان الجماهير المتحمسة, ولا تعبران عن أي عمل منتظر إطلاقا, أما الثالثة فلم تكن تحتمل التكذيب أو التصديق حينها, ولم يكن للمتابع إلا الانتظار, بعد شهر أصبحت الميزانية المفتوحة, "أكثر من مفتوحة", وتلك أيضا واحدة من التصريحات غير الذكية للسيد الرئيس الغلبان. في منتصف العام تحول الرئيس من الحديث عما سيدفعه إلى ما سيدفعه الرعاة المستثمرون, أطلق وعدا ووعيدا, أردفه بوعد جديد يعلن التوقيع بعد أسبوعين, في المرة الثالثة زين الاتحاد بلوحات ترحيبية واستقبل وفدا زائرا منع الصحافيين من توجيه سؤال واحد لهم, ثم صمت حتى اللحظة, وحتى اللحظة لم يعرف بعد كم تبقى من الأسبوعين في أجندة الرئيس الغلبان. .. البلوي الصغير, تسلم الاتحاد وهو يغص بالديون, وتلك ليست مشكلته ولم يصنعها ولكنه يعرفها جيدا, كما يعرفها أصغر مشجع في مدرجات النمور, ومع ذلك كلما تفجرت مشكلة ديون قديمة جديدة, قال: "الإدارة السابقة ورطتنا", وكأنه لا يعرف أن من يستمعون إليه يعرفون أنه يعرف, وكأنه أول من نسي شعار حملته الانتخابية. البلوي الجديد, منذ أن تسلم الاتحاد لم يوقع صفقة حقيقية, لم يدفع مقدمات عقود, رواتب اللاعبين تتراكم. أين الأكثر من مفتوحة؟ بل أين الميزانية المفتوحة يا إبراهيم؟. أين شعارك الذي روجت له يا رجل؟ بل أين الاتحاد؟. حتى اللحظة, لا يزال رئيس الاتحاد يسير في الطريق الخطأ, يتذاكى مدفوعا من مستشاريه العاطلين, وحتى اللحظة لا يعترف بأخطائه الفادحة في موسم واحد فكيف ستكون بعد موسمين؟! إنه رجل لا يفتح فمه إلا ليأكل ويطلق وعدا, ينام قرير العين, ثم يصحو ويكون هو أول من ينسى وعوده. .. العميد العملاق, تتوافر له الآن مجموعة رائعة وموهوبة من اللاعبين, يفتقدون الخبرة, شباب صاعدون يحتاجون إلى قائد حقيقي يفجر طاقاتهم, شباب مستمتعون بأنهم يمثلون كبير جدة ويرتدون شعاره الآسر, وأن المدرج الأضخم في الدوري السعودي هذا العام يردد أسماءهم, ويعلق آماله عليهم, صغار مستمتعون باللحظة, وهذا ما استغله البلوي, ولذلك سيكون هؤلاء آخر من ينقلب على الرئيس الغلبان المغلوب على أمره, بعد أن انفضحت كل وعوده الوهمية أمام الجماهير والإعلام, وانكشفت شخصيته الضعيفة, ولم يعد أمامه إلا الانزواء في الظل, فمثله لا يمكن أن يكون قائدا ولا نائب قائد, ولا يمكن أن يختاره أي قائد حصيف في فريق عمله, إن أراد النجاح.