الاقتصادية - السعودية اقترحت إحدى الصحف المحلية أن يتم تكليف مراسل متخصص في المجال العسكري ليكون مرجعا ومسؤولا عن كل ما ينشر في الصحيفة عن العمليات العسكرية وما يسببها وينتج عنها، وغير ذلك من المعلومات العسكرية المتخصصة. أجدها فرصة سانحة للدعوة لتكوين منظومة متخصصة في صحفنا المحلية، فما شاهدناه خلال الفترة الماضية من البعد عن الاحترافية في تناول أخبار ومعلومات العمليات العسكرية في مناطق الصراع القريبة والبعيدة، وآخرها "عاصفة الحزم" وطريقة تعامل صحافتنا معها، يؤكد أهمية هذه الخطوة. نعيش اليوم في منطقة تنتشر فيها الأعمال العسكرية، ومع هذا لا يجد القارئ المعلومة المفيدة والتحليل المنطقي السليم سواء في مجال الاستراتيجية أو العمليات في وسائل إعلامنا. هذا نتيجة التركيز على جزئيات ليست بأهمية مستقبل وحياة الناس. تتفاخر صحفنا بعدد صفحاتها الرياضية والفنية، وهو أمر من قبيل "الجمهور عاوز كده"، لكن وسائل الإعلام لم تأخذ على عاتقها مفهوم التوعية، والإلمام بكل ما يدور حولها من الأحداث ومن يصنعونها. تسبب هذا الإهمال في فقدان عنصر الثقة لدى المتلقي، وهو يشاهد المعلومات التي يستقيها من خلال تصريح الناطق الصحافي تتعرض للتشويه بجهود قنوات ووسائل إعلام معادية. يعيب صحافتنا أنها تبحث عن معلومات كهذه من خلال ما تبثه وكالات الأنباء، والتحليلات التي تظهر في وسائل إعلام دول أخرى، وهذا يدفع بكم من المعلومات المغلوطة التي يحاول مسؤولو تلك الوسائل بثها، لتحقيق أهداف معينة سواء عند الرأي العام أو القرار السياسي. الأكيد هو أن وطننا يزخر بالمؤهلين ممن حصلوا على شهادات عليا في مجالات عسكرية وسياسية واستراتيجية، ويمكن أن يسهم هؤلاء في تقديم المعلومات الطازجة، وتحليل ما خلف العمليات وما أمامها. ليس أفضل من الوقت الحاضر للبدء بمجهود احترافي مثل هذا. بل إن التحديات التي تواجهنا والحال السائد في العالم، خصوصا دول الجوار، وموقع المملكة الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي.. تتطلب إيجاد منظومة علمية احترافية تنهض بالبحث والدراسة والاستنباط الذاتي، بعيدا عن أهداف ومخططات ومرئيات الآخرين. يمكن أن تكون هذه بداية لمركز دراسات متخصص في الإعلام العسكري والاستراتيجي، وهو من الأمور التي لا غنى عنها في هذا الوقت بالذات.