الاقتصادية - السعودية بين مشاركاته الثماني السابقة في نهائيات القارة الآسيوية، تبدو رحلة الأخضر إلى الديار الأسترالية، الأصعب، والأكثر تعقيدا، والأقل ضغوطا نسبة إلى الظروف التي رافقت التحضيرات السعودية حتى الآن، ولا نعلم عن القادم. تاريخ الفريق الوطني الأخضر، ممتد في القارة الصفراء إلى الجذور، يكفي إشارة له التذكير إلى أن قائمته الحالية أكثر من نصفها تضم لاعبين ولدوا في العام نفسه الذي تربع فيه أسلافهم على العرش القاري في سنغافورة 1984، والنصف الآخر لم ير النور بعد، ولا تعرف القائمة الحالية لاعبا واحدا شاهد هدفي شايع وماجد مباشرة في ذلك التاريخ وهو يعي ما يرى أمامه حق وعيه. .. منذ هدف الجلاد الآسيوي في اللقب الأول قبل ثلاثين عاما، لم يستطع لاعب سعودي حتى الآن هز الشباك في مباراة نهائية رغم أننا لعبنا على الكأس خمس مرات بعد ذلك اليوم، ثنتان منها كان التاج القاري لنا بالترجيحيات، ومنذ نهائيات 1992، لا أعرف تحضيرا حقيقيا لفريقنا الوطني عُقدت عليه الآمال، وشددنا الرحال بعده ونحن في صدارة الترشيحات، بل لا أعرف منتخبا سعوديا شارك في النهائيات وهو مرشحها الأول غير أخضر الدوحة 1988. كل ما سبق، يبعث على التفاؤل، ويشير بوضوح إلى أن النهائيات الآسيوية هي البطولة المفضلة للأخضر السعودي، ولكن هل المنافسون هم المنافسون أنفسهم في الزمن الفائت؟ بل هل أخضرنا امتداد للخُضر السابقين؟. الإجابة قطعا لا. .. الأخضر في أستراليا 2015، هو صاحب أسوأ برنامج إعداد في تاريخ مشاركاتنا، وفي مجموعته. إذا ما علمنا أن كوريا الشمالية ستلعب إلى قبل التاسع من كانون الثاني (يناير) ثماني وديات، وتلعب أوزباكستان سبعا، أما الصين فيحوي برنامجها الإعدادي عشرة لقاءات تحضيرية بالتمام والكمال، ونحن ثلاثة فقط. الأوزبك أمضوا أسبوعين في معسكر التحضير حتى الآن، الصين جزأت تحضيراتها على ثلاث مراحل أنهت منها جزءين، فيما يعسكر الشماليون منذ منتصف كانون الأول (ديسمبر) ونحن لم نبدأ بعد. كل الفرق السابقة تعيش استقرارا فنيا مع مدربيها، ونحن للتو تعرفنا على مدربنا، ناهيك عن أن أفضل هدافينا لا يمرون حاليا بأفضل حالاتهم. إنها ظروف صعبة للغاية تجعل من رحلة أستراليا جحيما متوقعا، لا رحلة لاستعادة العرش المفقود، فماذا نفعل؟ هل نخبئ وجوهنا في كفوف متلاصقة، أم نبحث عن حلول؟ الحكمة تقول: "الشجعان يصنعون أقدارهم، فيما الجبناء يبحثون عن ضحية مقدما". .. رأيي الشخصي أن البطولات المجمعة التي تعتمد على خروج المغلوب في أدوارها المتقدمة، أسهل كثيرا من تلك التي تلعب ذهابا وعودة، ورأيي أيضا أن إدارة الفرق التي تلعب هذه البطولات أسهل بكثير من غيرها، وفي ظني أيضا أن العوامل النفسية تصعد إلى المرتبة الأولى في قائمة المعايير، وأن بطل آسيا يمكنه الفوز باللقب دون أن يمر على ثلاثة من كبارها. .. والأمر كذاك، أعتقد أن فريقنا الوطني بحاجة إلى رجل كاريزمي يبث الطاقات الإيجابية في نفوس اللاعبين، يقترب منهم، يتعرف على كل صغيرة وكبيرة، يردم الهوة الفنية مع الآخرين بالروح والهمة العالية، يرسم خططا مرحلية بين دور المجموعات والأدوار الإقصائية. لدينا رجل يمكنه أن يقوم بنصف المهمة وهو الروماني أولاريو كوزمين، ونحتاج إلى آخر تسير في عروقه الدماء السعودية الخالصة، لأنه سيشعر بما لا تستطيع مشاعر كوزمين الإحساس به، من هو هذا الرجل؟ من هو رجل رحلة أستراليا الذي نفتقده؟ إنه رجل يشعر الآخرين بالقوة في كلماته وتحفيزاته، رجل تَجْبُر شجاعته الانكسار النفسي في منتخبنا، رجل يستطيع تغذية جيش بالطاقات الإيجابية، رجل يقتل الخوف في دواخل لاعبينا ويجعلهم يؤمنون أن شعار الوطن في كرة القدم والحرب سواء. من هو هذا الرجل؟ لا أعرف، وحتما أنه موجود، وجزء من عمل المسؤولين عن الرياضة، البحث عنه.