عكاظ - السعودية شكلت شخصية المفكر السعودي الدكتور عبدالله الغذامي قصة بحد ذاتها، فهو الذي ارتبط اسمه بالحداثة في السعودية، فكان الهجوم عليه كبيرا في الثمانينات، وذلك على أثر أطروحاته حول التشريحية والبنيوية وسواها من الأنماط الحداثية التي كانت سائدة في أوروبا والعالم. أسهم الغذامي مع آخرين في التأسيس للحداثة الأدبية بالسعودية، وقوبل هذا التجديد بالهجوم الكاسح من التيارات الصحوية المعادية لأي تغيير، بل وصل الهجوم حد التكفير والتحريض والعداء. بقي الغذامي أمينا لأطروحاته رغم تمايزه بين الفترة والأخرى. قد تختلف أو تتفق معه في العديد من الأطروحات، لكنك لا تملك إلا أن تقدره وتكبره، فهو شخص على خلقٍ رفيع، كما أنه ساهم في إنتاج الكثير من الأفكار، متجاوزا دور المثقف الكسول أو الأكاديمي الخامل، كما أن الغذامي فوق ذلك محاور من الطراز الأول، مناور بأسلوب فاعل، وهو لا يجد غضاضة في التراجع أو الاعتذار. أجرى الدكتور، قبل أيام، عملية جعلت من تلامذته وقرائه وعشاق كلمته يقلقون عليه، غير أنه طمأن الجميع بأنه أفضل مما كان عليه. شخصية الغذامي ليست من الشخصيات الاجترارية أو التكرارية، بل أعطى الكتاب قدره، والمقالة قدرها، والتغريدة أيضا قدرها؛ لهذا بقي على أساس أخلاقي متين، وحين اقترب منه بعض الرموز الإسلامية أو اقترب هو منهم كان النقد عاليا تجاهه، وبخاصة في أطروحته حول «الليبرالية الموشومة»، حيث اعتبره خصومه، هنا، باحثا عن الشعبوية، لكنه في كل حالته، سواء اتجه يمينا أو يسارا، فهو شخصية جدلية مثيرة على الدوام، مثير للأسئلة، زارع للإشكاليات، مشعل للحوار. أمنياتنا بالصحة والعافية للغذامي، عافاه الله، ليعيد إثارة النقع في أوساطنا الفكرية مجددا.