الوطن - السعودية أصبح الحديث عن المشاريع المتعثرة مكرراً بل ومملاً - أحياناً – وبلا حل حقيقي للدرجة التي دفعت البعض للمطالبة ب"هيئة مستقلة للمشاريع المتعثرة" ، وذلك حتى لا ندخل في دائرة مفرغة من البحث عن أسباب تعثر هذه المشاريع ومن المسؤول عن هذا التعثر، وهل هناك شبهات فساد وراء ذلك أم لا؟ وإذا كنا نلمس أننا في المملكة حققنا خلال السنوات العشر الأخيرة إنجازات تنموية كبيرة، حيث أنفقت الدولة بحسب تصريح لمحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" خلال العشر سنوات الماضية، حوالي ستة تريليونات ريال، على المشاريع التنموية والاستراتيجية، فإننا نرى أنه لم يشب هذه الإنجازات سوى تعثر العديد من المشاريع رغم إنفاق بلايين الريالات عليها، مما أثر على الخدمات المقدمة للمواطنين . وبالنظر إلى أحد التقارير الصادرة عن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" فإن هناك 789 مشروعاً حكومياً متعثراً من أصل 1018 وقفت عليها "نزاهة" خلال العام المالي 1434/1435، فيما تشير المعلومات إلى أن حجم المشاريع المتعثرة في البلديات فقط يبلغ 465 مشروعا من المشاريع الجاري تنفيذها في جميع مناطق المملكة. الدولة من جانبها ممثلة في مجلس الوزراء تحاول جاهدة إنهاء مشكلة تعثر المشاريع عبر العديد من القرارات والإجراءات كان آخرها أن المجلس أقر يوم الاثنين الماضي عدداً من الإجراءات، من بينها قيام وزارة العمل بنقل خدمة عمالة عقد المشروع المتعثر من عمال وفنيين ومشرفين من المقاول المتعثّر إلى المقاول الجديد الذي رُسّيَ عليه العقد حال حاجته إلى خدمات أيّ منهم، وفقاً لعدد من الترتيبات، من بينها تحمُّل الدولة رسوم نقل خدمات العمالة. لكن هناك حاجة ماسة إلى مراجعة بعض الأنظمة والتشريعات من قبل مجلس الوزراء، واتخاذ حزمة إجراءات حاسمة في هذا الصدد، فمشكلة المشاريع المتعثرة ستبقى عصية على الحل الناجع ما لم يتم ذلك، وما لم تقم كل جهة بدورها المنوط بها على أكمل وجه سواء الوزارات وبالأخص وزارة المالية أو الأمانات أو الشركات، وذلك تحت رقابة صارمة من مجلس الشورى والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، ويجب أيضا أن تكون هناك إجراءات سريعة وناجعة لمحاكمة المسؤولين عن الفساد في المشاريع، وليس على طريقة كارثة "سيولجدة" التي تم البت فيها واقتياد المتورطين للسجن بعد مرور ست سنوات من حدوثها!! وهنا نرى أن مطالبة نائب رئيس "نزاهة" عبدالله العبدالقادر بمنح هيئته صلاحيات وإجراءات واسعة، كمحاكمة الفاسدين والتشهير بأسمائهم وليست صفاتهم الاعتبارية، أمر يستحق الدراسة بعد أن صار دور "نزاهة" أشبه بمسكنات، لا تستطيع أن تعالج المرض الذي يحتاج دائماً إلى دواء ناجع لابد من تجرعه مهما كان مراً. وأخيراً أقول: إنه ما لم نتوصل إلى هذا "الدواء الناجع" لحل مشكلة المشاريع المتعثرة فإن المجتمع بأكمله سيظل يدفع الثمن، فيما لن يكون مفاجأة أن نتحدث عن هذه المشكلة العام المقبل أيضاً وما بعده.. بلا نهاية.