سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحمادي": أسباب تعثر تنفيذ المشاريع معروفة للجميع وعلى الجهات المعنية أن تعترف بها قال: على "المالية" أن تبحث عن حلول ناجعة لشح التمويل وندرة العمالة تحتاج لمعالجة
أكد فهد الحمادي، رئيس اللجنة الوطنية السعودية للمقاولين، ل"سبق"، أن كل الدلائل تشير إلى تعثر مشاريع متعددة وتكشف أسبابها، وهذا التعثر يؤخر عجلة التنمية ويمنع المواطنين من الاستفادة من المنجزات التي تسعى الدولة بإنفاقها السخي على المشروعات لتحقيقها، مبيناً أن هذا الظاهرة تبدو مستمرة في كل مراحل تنفيذ المشروع، ولكن أبرزها شح التمويل ونقص العمالة المتمرسة في الأوقات المطلوبة. وأوضح رئيس اللجنة أن أول الدواء هو الاعتراف بالداء، مبيناً أن على الجهات المعنية أن تعترف بقدر من الشفافية بحجم التعثر في مشروعاتها، وأن تبحث عن الأسباب الفعلية لهذا التعثر، لإثراء النقاش والتباحث الفعال حولها، بغية الوصول لحلول عملية تزيد من سرعة تنفيذ المشاريع، وتقلل من حجم الأضرار الاقتصادية التي أخذت تلاحق العديد من المقاولين خلال الأعوام الماضية.
ولفت "الحمادي" إلى أن اللجنة عقدت العديد من الورش واللقاءات مع عدد من الجهات المعنية، لشرح أسباب التعثر، ومن ثم طرح رؤيتها للمعالجة الممكنة، غير أن هناك العديد من التحديات التي تقف حجر عثرة أمام وصول الصوت إلى حيث مواقع التنفيذ.
وأكد أن شح التمويل أو تقتيره أو تقطيعه بشكل يطيل مدة التنفيذ يؤثر بشكل مباشر وبليغ في تعثر المشاريع، فضلاً على ندرة العمالة الوافدة التي تقابل حجم النمو في المشاريع، والتي تأزم قضية التوطين أو الالتزام بالسعودة التي تراوحت بين 5 % و7%، مشيراً إلى ضرورة أن تستمع وزارة العمل إلى رؤية المقاولين في هذا الجانب لإيجاد حلول عاجلة حتى لا تطيل مدة التعثر وتتضاعف أكثر مما هي عليه حالياً.
وقال رئيس اللجنة: "هناك إشكالات أخرى غير شح التمويل، والذي لابد أن تحاول وزارة المالية أن تجد له حلولاً ناجعة، بالإضافة لندرة العمالة المهنية والتي تحتاج إلى معالجة سريعة، مثل زيادة التأشيرات وسرعة الحصول عليها دون بيروقراطية، هذه الإشكالات لخصها عرض الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في ملتقى المشاريع والإنشاءات الذي نظمته الغرفة التجارية بالرياض في بداية هذه السنة".
ومع أن "الحمادي" لا يجد حرجاً في أن تناقش أسباب التعثر بكل شفافية للحصول على الإجابات والمعالجات الممكنة، مشيراً إلى أن أسباب التعثر كثيرة، منها ما هو على الجهة الإدارية، ومنها ما هو على الاستشاري، ومنها ما هو على المقاول، لكنه يرى أن الحلول الناجعة تكون بتعاون جميع الأطراف، ويكون المالك عاملاً مساعداً يتدخل في الوقت المناسب للتعاون في حل أي مخاطر قد تطرأ أو تؤثر على سير المشروع.
وكان نائب رئيس الهيئة الوطنية لمحافحة الفساد في عرضه في الملتقى قد قسّم أسباب تعثر المشاريع بناءً على مراحل المشروع على نحو (قبل الترسية، أثناء الترسية، بعد الترسية)، وشخص بعض الأسباب التي تؤدي إلى تعثر المشاريع في كل مرحلة، حيث أوضح أن رؤية الهيئة حول أسباب التعثر في مرحلة قبل الترسية عزته إلى ضعف التخطيط للمشروعات في مرحلة إعداد دراسة الاحتياجات، وإعداد المواصفات والكميات بناء على مشاريع سابقة، والقصور في دراسة طبيعة التربة، بما في ذلك فحص التربة، وكذلك عدم قيام بعض الجهات بمراجعة الدراسات والتصاميم المعدة من قبل الاستشاري، بالإضافة إلى صعوبة إجراءات استخراج التراخيص اللازمة، وعدم وضوح الشروط والمواصفات لمن يتقدم للمنافسة، وقصر المدة الزمنية لتقدير وتسعير قيمة المشروع، والتوسع في استخدام أسلوب الدعوات المباشرة في تنفيذ بعض المشاريع، وقصر ذلك على مقاولين ومكاتب استشارية بعينها، كما أرجعت الهيئة سبب التعثر في مرحلة قبل الترسية إلى ضعف الجهاز الفني للمقاول الذي يتولى التسعير وإعداد العروض.
ولفتت هيئة مكافحة الفساد فيما يتعلق بأسباب التعثر المتعلقة بمرحلة الترسية إلى أنها تعود إلى ضعف التحليل الفني للعروض المقدمة للمنافسة من قبل لجان تحليل العطاءات، والتركيز على التحليل المالي للعطاءات دون النظر للتحليل الفني، وينتج عن ذلك الترسية على صاحب العطاء الأقل دون مراعاة الإمكانات الفنية، والترسية على مقاولين لديهم مشاريع أخرى متعثرة، والترسية على مقاولين لديهم مشاريع تفوق إمكاناتهم المالية والفنية.
وزادت الهيئة في أسباب التعثر عدم الالتزام بوضع أسعار تقديرية للمشاريع من قبل الجهات الحكومية قبل طرح المشاريع، والتأخير في تسليم موقع العمل للمقاول بما يتجاوز المدة المحددة نظاماً وهي 60 يوماً من تاريخ اعتماد الترسية، بالإضافة إلى قيام بعض الجهات الحكومية بترسية المشاريع على مقاولين أسعارهم أقل من السعر التقديري بنسبة 35% دون التأكد من مقدرتهم على تنفيذ تلك المشاريع.
وكانت هيئة مكافحة الفساد عزت أسباب تعثر المشاريع في مرحلة ما بعد الترسية إلى ضعف مستوى متابعة المشاريع، سواء من قبل الاستشاريين المتعاقد معهم أو من قبل الجهة صاحبة المشروع، وعدم مشاركة فروع الجهات الحكومية في المتابعة والإشراف، وضعف كفاءة أعضاء لجان الاستلام الابتدائي والنهائي للمشاريع، وعدم وجود مكتب لإدارة المشروع، وضعف الإمكانات المادية والفنية لبعض المقاولين.
كذلك عزت الأسباب إلى ضعف التنسيق بين الجهات الخدمية التي لها علاقة بمواقع وأعمال المشاريع، وعدم تفعيل الإدارات المسؤولة عن تنسيق المشاريع في أمانات المناطق، وضعف القاعدة المعلوماتية لدى الجهات المختصة عن البنية التحتية في بعض مواقع المشاريع، وكثرة أوامر التغيير خلال عملية سير المشروع، والتوسع في التعاقد مع مقاولين من الباطن بدون موافقة الجهة مالكة المشروع.
كما تعتقد هيئة مكافحة الفساد أن عدم اهتمام بعض الجهات الحكومية في اعتماد العينات، حيث يقوم المقاول باختيار العينات وتوريدها، بجانب تراخي وتردد بعض الجهات الحكومية في اتخاذ قرار سحب المشروع من المقاول رغم تعثره، مع أن النصوص النظامية منحت الجهة صاحبة المشروع الصلاحية في ذلك، والتهاون في السماح بالتعاقد من الباطن دون الالتزام بالضوابط المحددة في نظام تصنيف المقاولين، وتأخر الجهات الحكومية في صرف مستحقات المقاولين بدون مبرر نظامي، مما يؤدي إلى فقدان مصدر التدفق المالي للمقاول - ينعكس على العمل بالمشروع.
وهنا أوضح "الحمادي" أنه لابد من وضع النقاط فوق الحروف وتمييز هذه الأسباب بشكل وافٍ، مؤكداً أن قطاع المقاولات هو المتضرر الأكبر من تعثر المشاريع، مبيناً أنها يترتب عليها أضرار موجعة للقطاع، يتحمل المقاول وزرها في المقام الأول، مع أنه ليس المتسبب في أغلب أسباب التعثر، وحتى لو كان سبباً في التعثر فإن المالك يستطيع بما لديه من قوة تعاقدية وقانونية أن يتدخل لحل أي إشكال قد يطرأ، بما في ذلك حل مشاكل التمويل وتأخير اعتماد وصرف المستخلصات أو عدم توفر الأيدي العاملة المدربة التي تستطيع إنجاز المشاريع، وحتى لو أدى الأمر إلى سحب المشروع إذا ثبت عدم كفاءة المقاول وأنه سبب التعثر دون غيره.
وقال "الحمادي": "بالرغم من سخاء الدولة في الإنفاق على المجالات التنموية كافة، وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع - حفظهما الله - ودعمهما المباشر، والمتابعة الحثيثة لتلبية الاحتياجات التنموية المدنية، والعسكرية في التعليم، والصحة، والطاقة، والسكن، والنقل، والتنمية البشرية، وتحديث وصيانة ما هو قائم من مشروعات، إلا أن واقع بعضها لا يعكس مستوى تطلعات القيادة، ولا يلبي احتياجات المواطن".
وأشار "الحمادي" إلى أن منطقية الأسباب التي أوردتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تجعلها أساساً للحلول إذا كان هناك رغبة في الحلول، مشيراً إلى أن مثل هذه التحديات تعالجها مرئيات أخرى طالب بها القطاع قبل ذلك، ومنها المناشدة للجهات المعنية ضرورة تكوين كيان مستقل يبحث مثل هذه التحديات بشكل علمي، ويساعد على تنفيذ المشاريع بشكل احترافي.
وهنا يقول "الحمادي" إن هذه أسباب لا يمكن أن تعمم على كل القطاع، ولا يمكن أن تتحملها جهة واحدة، مشدداً على ضرورة العمل على تنفيذ قرار مجلس الوزارء رقم 260 الداعي إلى تكوين كيان يكون مرجعاً لقطاع المقاولات، مما يمكن أن يساهم في تنظيم هذا القطاع وإطلاق هيئة مستقلة للمقاولين لمعالجة ذلك بشكل علمي وعملي، مشيراً إلى أن الأسباب التي ربطتها الهيئة بالمرحلة التي تلي الترسية، هي الأخرى تحتاج لهذا الكيان المهم، برأيه، للمساهمة في الحل بشكل فيه نوع من الدراية والتشخيص السليم لأسباب التعثر، ومن ثم إيجاد الحلول الناجعة لذلك.
يذكر أن الإحصاءات تبين وجود أكثر من 30% من المشاريع الحكومية المتعثرة بقيمة إجمالية تزيد على 100 مليار ريال سنوياً، كما تشير التقارير إلى أن حجم المشاريع التي تمَّ تنفيذها بالوقت المحدَّد يبلغ 25%، وأن 50% من المشاريع الحكومية متأخرة عن موعدها.