عبدالله ثابت الوطن - السعودية أن تمحو آثارا، تُعلي من شأنك، حماقة. أن تستخف بورقة وبضع كلمات.. حماقة، أن تحطم أشياءك حين تغضب.. حماقة. أن تترك بابك مُشرعا والليالي مليئة بالهوام.. حماقة. أن تندفع لمجرد أن يحمر شيء في قلبك.. حماقة، أن تتحدث عن سباق المسافات الطويلة ورجلاك معقولتان برسن.. حماقة. أن تتجول في قفار أو مدن، حفرها على هيئة فخاخ، حماقة. أن يجيء ابنك ويروح مع القتلة، وأنت ترى، حماقة. أن تلعب اللعبة نفسها ثلاث مرات لأربعين سنة.. حماقة. أن تربي في بيتك ضباعا وجرحك مكشوف.. حماقة، أن تستعمل المصعد وقت الحريق.. حماقة. أن تجري اتصالا تحت الصواعق.. حماقة. أن تلْكُم جائعا في بطنه.. حماقة. أن تقرأ شعرا عظيما بين معتوهين.. حماقة. أن تضع حافظة نقودك إلى جوار جواز السفر، في فندق، حماقة. أن تتوقع أن برامج الخرائط والخدمات قد تسعفك في الخلاء البعيد.. حماقة. أن تخبئ تشققات الجدران باللوحات، بدلا من ترميمها، حماقة. أن تلبس ثوبا لا تحبه حماقة. أن تتعب وتتقدم، تتعب وتنجز، ثم تُصغر نفسك، فيما لا يليق.. حماقة. أن تلوي ذراع ضعيف، في جيبه سكين، حماقة. أن تكون في طريقك إلى موعد لا يمكنك التأخر عنه، ثم تدلق فنجان قهوة على ثيابك.. حماقة. أن تحملق في الناس عند إشارات المرور، كجروٍ سائب، حماقة. أن تتباهى بأحاديث النظافة، ثم لا تغتسل، تلقي بالقمائم في الطرقات، تبصق في سلالم عامة، تتمخط في مطعم، تستعمل عطورا نتنة، تثير العطاس وكحة الربو، قرف وحماقة. أن تتكئ على من خذلك من قبل.. حماقة. أن تقول "لا يمكنني"، وهو يمكنك، حماقة. ألا تنتبه وأنت تقطع طريقا مليئا بهياج المراهقين والأوغاد.. حماقة. ألا تشرب لترين من الماء كل يوم.. حماقة. وبكل حال فأولى الحماقات وآخرها، بلا شك، هي إهدار الحياة تحت سطوة فكرة أو شعور أو أحد، أن تعيش أجيرا دون أن تعلم، مُستعبدا لأنك فضلت طمأنينة الخوف والانزواء على قلق الفرادة والاستقلال والغضبة، في شخصك وفي فكرتك وحتى مزاجك. كثيرون بلا عدّ لمجرد أن تلمس فكرة يؤمنون بها، أحدا أو قولا أو حبا يعمر فراغهم، فإنهم يهبّون في وجهك. إنهم يدافعون عن البلادة المريحة والاستسلام الرحيم، عن اليوم العادي، الشهر والسنة والسنين والعمر العادي، الذي ينتهي أخيرا إلى لا شيء، ويحدث كثيرا أن تغادر وأنت أقل بكثير بكثير مما ولدت، فقد جئت واحدا وذهبت محشوا بما ليس منك ولا لك.