الرياض - السعودية تزداد قضية البطالة وتستعصي على الحل مع مرور الأيام وزيادة السكان وشح الموارد مستقبلاً، لذا لابد من التحرك سريعاً واستنفار الوزارات المعنية والهيئات وصناديق الإقراض لحل هذه المعضلة بطرق علمية تسهم في تنويع مصادر الدخل وتعطي مرتبات مجزيةللوطن على المواطن واجب حمايته ورفعته وعدم الإساءة إليه في الداخل والخارج وللمواطن على وطنه حق التعليم والصحة والسكن الآمن وتوفير فرص العمل، والبطالة في المملكة من أكبر التحديات وأهم أسبابها تستر المواطن وسوء التعليم والتدريب وثقافة المجتمع والفساد بأنواعه، وقد بذل الأمير نايف رحمه الله جهوداً كثيرة لحلها حين كان رئيساً لمجلس القوى العاملة إلى أن أنشئت وزارة العمل وأسندت إليها هذه المهمة، لكن حل البطالة ليس بيدها فقط، فمجالها الوحيد هو ممارسة الضغط على القطاع الخاص لتوظيف المزيد بصرف النظر عن الراتب ونوع العمل مما أثمر عن توظيف أعداد من النساء خلال عامين أضعاف من تم توظيفهن في سنوات، لكن هذا ليس سوى مهدئات تقود إلى بطالة مقنعة وعلاج بالأدوية المهدئة لصداع مزمن، بوصلة التوظيف لدينا تشير إلى المكان الخاطئ، ومن يسلك الطريق الخطأ لن يصل إلى المكان الصحيح مهما واصل المسير، علينا أن نفكر في خلق فرص العمل المجدية بدل الإحلال، البطالة بحاجة إلى البحث عن حلول جذرية تبحث في أساس المشكلة ثم تأخذ بالحلول العلمية بعيدة المدى. أمام وزارة العمل تحديات كبيرة لأنها اتخذت سياسة الإحلال بدل خلق فرص العمل، وكما قال غازي القصيبي رحمه الله: نحاول توظيف من لا يريد الوظيفة عند من لا يرغب في توظيفه، ونحاول منع من يستميت في طلب الوظيفة عند من يسعى جاهداً لتوظيفه. وهذا خلق سعودة وهمية وفساداً وأوجد شباباً يميلون إلى الدعة والركون إلى الأعمال البسيطة التي لا تحتاج لمهارة عقلية وبدنية وبالتالي لا يساهمون في بناء الوطن، ومن الصعوبة أن نفهم وجود بطالة تربو على 6% بين الرجال و30% بين النساء في ظل وجود حوالي ثمانية ملايين وافد وطفرة في المشاريع الحكومية ووفرة مالية غير مسبوقة يتم استثمارها بعائد مالي بسيط لا يتجاوز نسبة التضخم.وتزداد قضية البطالة وتستعصي على الحل مع مرور الأيام وزيادة السكان وشح الموارد مستقبلاً، لذا لابد من التحرك سريعاً واستنفار الوزارات المعنية والهيئات وصناديق الإقراض لحل هذه المعضلة بطرق علمية تسهم في تنويع مصادر الدخل وتعطي مرتبات مجزية ومن أهمها: أولاً: وزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة وهيئة الاستثمار هي الأقدر على التعامل مع مشكلة البطالة ذلك أنها تمتلك المال والقدرة على جلب الشركات العالمية وبناء شراكة معها لتأسيس شركات سعودية كبيرة مبنية على مبدأ الربح وتسهم في تعدد مصادر الدخل ونقل التقنية والتوظيف. فعلى غرار شركة أرامكو وسابك والهيئة الملكية للجبيل وينبع، يتم تأسيس شركات خدمات وتصنيع لكثير من السلع التي تستهلك في السوق المحلي ويصدر الفائض للخارج خصوصاً مع وجود ميزات تنافسية وموقع متوسط بين العالم واستهلاك كبير في الداخل، وقد كان لوزارة الدفاع تجربة ناجحة في التوازن الاقتصادي لتأسيس شركات صيانة وتصنيع تساهم في ملكيتها وإدارتها الشركات الصانعة ضمن شروط عقد الشراء ومقابل ما يعقد من صفقات تجارية معها. ثانياً: السياحة بأنواعها من أهم مصادر الدخل وخلق الوظائف المجدية، خصوصاً مع وجود الأماكن المقدسة التي تفخر المملكة برعايتها وخدمتها، ويتمنى كل مسلم زيارتها، كما يوجد في المملكة أماكن سياحية كثيرة غير مستثمرة وسواحل جميلة وجزر بحاجة إلى شركات مساهمة تدخل في شراكة مع شركات عالمية رائدة، وتوفير العوامل الجاذبة لسائح الداخل من نظافة واعتدال في الأسعار ووسائل الترفيه كدور السينما والحدائق والرياضات المختلفة للشباب. ثالثاً: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أهم مصادر التوظيف ودعم الاقتصاد لكنها بحاجة إلى الدعم من حيث رأس المال والخبرة، ورغم وجود الكثير من الصناديق كصندوق التسليف والادخار وصندوق الموارد وكفالة إلا أن الجهود مشتتة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة تعاني من بطء الإجراءات ومن رفض طلبات التمويل في كثير من الأحيان خصوصاً حين تكون البنوك التجارية طرفاً في الإقراض وتفرض أرباحاً عالية، ولسنا بحاجة إلى إعادة اختراع العجلة في طريقة دعم المنشآت فلدى الدول المتقدمة الكثير من التجارب والخبرات التي طبقتها ونجحت في الاستثمار في رأس المال البشري وشجعته على النمو. رابعاً: أكبر عوائق توظيف المرأة هو ثقافة المجتمع الذي حرمها من ممارسة حقها في العمل التجاري الحر وممارسة البيع والشراء بحجة الاختلاط الذي أصبح من أهم عوائق توظيف المرأة وحرمانها من حقّ كفله الشرع ومورس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقد عاصر جيلي أسواقاَ في جنوب المملكة وشمالها تعج بالرجال والنساء تبيع فيه النساء وتشتري بكل ثقة وجدارة دون تدخل من أحد. علماؤنا مطالبون بتوضيح الأحكام دون اللجوء إلى باب سدّ الذرائع الذي فتح أسواقنا على مصراعيها للوافد وحرم النساء من كسب حلال يعينها على مصاعب الحياة ويكفيها الحاجة إلى المال الذي قد يكون سبباً في التسول أو الابتزاز. ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي مطالبتان بتصحيح هذا المفهوم وإيضاح الفرق بين الخلوة المحرمة والاختلاط المباح، كما أن التأهيل والتدريب لسوق العمل وتعلم قيم الصدق والأمانة والصبر من أهم واجبات التعليم والتدريب بجميع مراحله لتهيئة الشباب للعمل في الشركات وفي أعمالهم الخاصة. البطالة وخصوصاً بطالة النساء تشبه مياهاً تتجمع خلف سدِّ ترابي كبير ليس له مخارج كافية للتصريف مما يجعله يفيض ويجرف السد معه، والحل في إيجاد قنوات كثيرة للتصريف تتساوى مع ما يصل إلى السد من المياه.