المدينة - السعودية ما دمنا في مجتمع تحكمه الشريعة الإسلامية والقوانين فإن قاعدة (الأصل براءة الذمة) أي براءة ذمة الإنسان وهذه قاعدة من أهم القواعد الفقهية في القضاء، ومعنى ذلك أن الأصل في ذمة الإنسان فراغها من جميع أنواع التحميل والإلزام إلى أن يثبت ذلك بدليل، لأن التحمل والالتزام صفة طارئة والأصل هو البراءة لذلك فإنه من يتمسك ببراءة ذمته عند الإدعاء عليه فإنه قوله هو الراجح لأن الأصل يشهد له حتى يقوم دليل على خلافه. ومن هذه القاعدة تنشأ القاعدة المعروفة والتي يتداولها الجميع في القانون الوضعي أن (المتهم بريء حتى تثبت إدانته) فلو وجهت تهمة لشخص ما وأقيمت دعوى عليه فإنه يكون مجرد متهم حتى يقيم من ادّعى عليه الدليل القاطع وإلاّ فإنه في نظر القانون بريء. إن الأخذ بهذه القاعدة يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية والأساس الذي قامت عليه وهو حماية حقوق الناس من الاعتداء عليها. لذلك فإننا نجد أن هذه القاعدة هي إلزامية للقاضي يجب عليه الأخذ بها فلا يمكن أن يبني القاضي حكمه على واقعة محل شك، وذلك لأن القاعدة الشرعية تنص على أن (الأحكام تبنى على اليقين لا على الشك والتخمين)؛ ولأن الشك دائمًا يفسر لصالح المتهم. وهذه القاعدة وإن كانت من الناحية النظرية بسيطة في عباراتها إلاّ أنها من حيث التطبيق في ساحات القضاء لها تطبيقات واسعة، وبالتالي ينبغي إدراكها ومعرفتها وفهمها فهمًا جيدًا لبناء مرافعة سليمة في أي دعوى وتبنى عليها الكثير من القواعد الفقهية، والتي تكفل للفرد الدفاع عن نفسه وحماية حقوقه من الاعتداء والذي يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لو يعطى الناس بدعواهم لأدعى ناس دماء رجال وأموالهم). * محامٍ ومستشار قانوني