اليوم - السعودية على مر التاريخ شهدت البشرية، وما تزال في بعض جيوبها المتخلفة، ظاهرة تسمى Misogyny (ميسوجيني)، وهو مصطلح يعني (كره النساء)، وتتجسد تلك الظاهرة عادة في قوانين صارمة تجاه المرأة تزيد من معاناتها في المجتمع واحتقارها وتأطير وظائفها في الحياة. وخلال النصف الثاني من القرن 15 الميلادي، وضمن النظام المسمى مطرقة المشعوذين (Malleus Maleficarum) الذي دشنته الكنيسة الكاثوليكية، كان عدد النساء اللاتي أحرقن بدعوى الشعوذة يفوق أضعافاً مضاعفة أعداد الرجال، لا فرق بين طفلة أو امرأة أو فتاة شابة. وكان انتهاك جسد المرأة المتهمة يتم بيد وتحت إشراف القساوسة الذكور الذين يبحثون عن علامات لتلبّس الشياطين بأجساد النساء في الأماكن الحميمة للضحايا. ولدى العرب قبل الإسلام يسجل لنا القرآن الكريم في سورة «النحل» عملية وأد الأنثى: «وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون». لكن الجاهلية ليست حكراً على زمن معين أو قوم معينين، فهي لا تزال تعشش في أماكن من الكرة الأرضية، رغم كل الأنوار الفكرية التي حققها الإنسان، ففي 22 يونيو سنة 2002م في مكان ناء في البنجاب في باكستان، حكمت محكمة قبلية على سيدة تدعى «موكهتران بيبي» بأن يتم اغتصابها، والسبب أن أخاها شوهد بصحبة إحدى نساء تلك القبيلة التي تعتبر في العرف القبلي المحلي أعلى شأناً من قبيلة موكهتران! واستغرق العقاب ساعة كاملة أمام مئات المشاهدين دون أن يهب أحد لنجدتها!. وظاهرة كره النساء، تستفحل في مجتمعات محافظة، وهي ذات منشأ ثقافي، والسلوكيات التي تتمخض عنها باعثها نفسي وذهني عميق في التركيبة الثقافية لتلك المجتمعات، فمنذ الأزل كان المشرّع هو الرجل، ومنذ الأزل كان هو من يسن القوانين ويجلب النصوص التي تشكل القناعات عن المرأة. وجاءت بعض العقائد بنصوص تحط من شأن المرأة بل وتجعلها مصدرا للغواية والسقوط في الهاوية. وفي الأمثلة التي سقناها نرى مدى التباس تلك الظاهرة بالجنس، فهي لا تعني عدم الرغبة في المرأة، بل على العكس من ذلك تجد الرغبة تجاه الأنثى عارمة، لكنها تأخذ شكلاً وحشياً بعيداً عن المودة والرحمة، بل إن بعض أسباب كره المرأة تنتج في تلك المجتمعات أو الفئات التي تفتقر لوجود المرأة الطبيعي، وتأخذ في الغالب التفافاً على الضعف أمام المرأة الذي يمتزج في إدراك تلك المجتمعات أنها مصدر للشرور وواهبة للحياة. فالقساوسة الكاثوليكيون الممنوعون من الزواج، وجدوا في مهمتهم التفتيشية المتجهة إلى جسد المرأة محاولة لتنفيس كبتهم الجنسي، وكذلك الأمر مع رجال القبائل الباكستانية الذين لا يوجد سبب لاتخاذهم الاغتصاب العلني عقاباً إلا سادية عقولهم المكبوتة المريضة، أما العربي القديم فالخوف الشديد من مستقبل ابنته الجنسي يدعوه إلى إهالة التراب عليها حية. تويتر @attasaad1