في 25 نوفمبر يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي ضد العنف، دليلاً على استفحال الظاهرة وعالميتها. أذكر جيدا من مدينة القامشلي التي نشأت فيها حيث كنت أزور جدي في الحي اليهودي. صورة انطبعت في الذاكرة فلا تزول رجل يضرب زوجته. يضربها وهي مرتمية في الأرض تمد إليه كف التوسل والضراعة أن يكف. جيفري لانج أستاذ الرياضيات الأمريكي الذي اعتنق الإسلام يذكر منظراً قريباً من هذا شاهده ووالده يعتلي أمه ضربا باليمين. والدتي كانت تروي لنا ونحن أطفال كيف حاكم رجل زوجته بتهمة الزنا ثم قام بتنفيذ الحد بنفسه فرماها من شاهق! الفتاة من روحينا وهي من قرى الجولان السوري حيث تعس قوات الجيش الأسدي فيها تخريباً ولصوصية؛ روى لي جودت سعيد داعية السلام كيف قتل الشاب أخته لأنها أخطأت! هنا يسود قانون الفحولة أكثر من العدالة فلو (أخطأ) الشاب فهو الرجل القوي المتين أما (خطأ) البنت فيسوى بحد الحسام! في الحين الذي يسوي القرآن العقوبة سواء على الذكر والأنثى. ألا ساء ما يحكمون. قصة العنف ضد المرأة قديمة جديدة وهي مغروسة في الثقافة في كل موطن ودار. أذكر زميلي الألماني الدكتور يونجه (Junge) حين جاء للاجتماع الصباحي فسألوه عن زوجته التي وضعت هل ذكرا أو أنثى فأشار بإصبعه للأعلى وكأنه في الآرينا (Arena) ساحة المجالدين الرومانية حيث كان يحكم بالنجاة برفع الإصبع للأعلى وللأسفل كانت إشارة الإعدام. هنا وعند الجرمان يعني مجيء الأنثى ما يذكر بجاهلية العرب “وإذا بشرأحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب” هنا نرى الجاهلية العربية والألمانية تنهل من نفس العين الحمئة. السؤال القديم الجديد ما السر خلف العنف ضد المرأة؟ قبل أيام رأيت فيلما مثلته جينيفر لوبيز (Jennifer Lopez) بعنوان كفى (Enough) ناقش فيه الفيلم هذه المشكلة وكيفية حلها؟ كان جواب الفيلم أن الزوجة حاولت الذهاب إلى الشرطة فلم ينفع، وكان الرجل يزداد في ضربها وامتلاكها ويخونها مع نساء أخريات. كان جوابه على كل هذا الحجم من العنف والإيذاء الجسدي والنفسي أنه الرجل القوي المتين الذي يأتي بالمال إلى البيت وبالتالي فله كل الحق ولا حقوق لها. نهاية الفيلم أنها تدربت على القتال وقتلته؟ فهل هذا حل؟ إنه فيلم ولكنني قرأت في مجلة در شبيجل الألمانية عن امرأة غافلت زوجها الفاجر فقتلته وقطّعته وفرّقت مُزع جسمه في الحاويات؟ أما ما رأيته في مشفى عملت به فكانت زوجة قطعت قضيب زوجها انتقاماً لأفعاله الشريرة.