اليوم - السعودية تعطل تطبيق «واتسأب» لساعات فعم الضيق وبدأ كثيرون يعانون من أعراض انسحابية! ظاهرة الانطلاق الاجتماعي الافتراضي في مجتمعنا السعودي ملفتة بالفعل. أتحدث هنا عن تعلقنا بتطبيقات التواصل الاجتماعي؛ فكل منا يهمس لها، وكأن الشاعر قد قال «وخير جليس في العالمين جوال»! نبحلق ليل نهار ونتابع التطبيقات من «واتسأب» إلى «فيسبوك» و«تويتر» وسواها كثير. ورغم أننا مجتمع محافظ، وجزء من طبيعتنا أن نُجلّ خصوصياتنا الأسرية والعائلية والمهنية، لكن كثيرا منا ما أن يلج في حضرة «التواصل الاجتماعي» الافتراضي حتى ينطلق مغرداً وناطقاً بكل شيء! هذه ظاهرة تستحق ليس فقط التأمل العابر بل دراسات منهجية مستفيضة. لماذا نتحفظ أمام بعضنا البعض حتى ونحن نتحلق حول مائدة الغداء أو العشاء، ثم ننطلق دون أي قيود عندما نتواصل عبر الأجهزة الذكية؟ فنعرب عن مواقفنا من كل شيء. هل السبب أننا لا نحب أو لا نجرؤ على مواجهة بعضنا بعضاً؟ أم ماذا؟. في أحيان تجد شخصاً (رجلا أو امرأة) في منتهى الانفتاح في مجتمعه الافتراضي، فما أن ينقلب إلى أهله وأصدقائه وزملائه حتى يعود متزمتاً عنيفاً، والعكس بالعكس! وقد يقول قائل: هل لابد من تطابق بين حياتك الواقعية وحياتك في مجتمعك الافتراضي؟ أقول: ليس أقل من انسجام؛ إذ لا يصح أن تكون الفوارق كما الليل والنهار. هل إقبالنا المفرط على وسائل التواصل الاجتماعي له أسباب وموجبات؟ هل هي مجرد الرغبة في التعارف والتواصل وبث بواعث نفوسنا؟ أم أنها وسيلة لقضاء الوقت، لا فرق بينها وبين الجلوس مع أصحابٍ في مقهى واضعاً كل منهم قناعاً يفصل بين واقعه الحقيقي وبين من يشاركونه جلسة المقهى؟ لا أملك إجابات لكن اقبال السعوديين على التواصل الاجتماعي الافتراضي يتطلب دراسات تحليلية متعمقة اجتماعياً واقتصادياً، وأضيف: ان العديد من الرياديين بوسعهم الاستفادة من ظاهرة إقبالنا كمجتمع على الأجهزة الذكية، ليطلقوا تطبيقات تستوعب شغفنا، فمثلاً حتى الآن لا توجد تطبيقات محلية تحول مرورنا الهائل عبر الانترنت لقيمة مضافة لاقتصادنا الوطني، وبالمقابل فقد أفدنا تطبيقات عديدة بدفع اشتراكات واعلانات ورسوم. انظر حولك وستجد أن بياناتنا ومعلوماتنا متناثرة في كل مكان، نظر مثلاً لما يحمله تطبيق مثل «واتسأب» من محتوى عن السعوديين، من أخبارهم وسوالفهم ومأكلهم ومشريهم ونكتهم ومواقفهم من القضايا على تنوعها. ذكرت في هذا الحيز قبل عدة أشهر عن التجسس المعلوماتي والتقنيات المستحدثة المتصلة باستخدام وتوظيف وتحليل ما يسمى بالبيانات الضخمة، وأعود هنا لأقول إن أمامنا جانبين؛ الأول يتصل بالمحتوى، والثاني بحركة المرور وكثافة الاقبال. أما ما يتعلق بالمحتوى، فافتقار مجتمعنا واقتصادنا لتوظيف الابداع المعرفي محلياً جعلنا نعتمد تماماً على تطبيقات خارجية في كل شيء وأي شيء، حتى في تطبيق «سلة المقاضي»، مما جعل كماً هائلاً من معلوماتنا متاحة للملأ. وما يتعلق بالاستخدام الكثيف، فعدم استغلالنا له يفوت علينا فرصا اقتصادية مهمة ويمررها لآخرين ونحن لا نبالي رغم كل المخاطر والتكاليف. تويتر ihsanbuhulaiga@