يكشف كاتب صحفي أن سُلّم الرواتب الجامد لم يعد يصلح، ومحذراً من أن تعاقد الأجهزة الحكومية مع القطاع الخاص، لتوظيف قيادات ومديرين "فساد"، وفي شأن آخر، تؤكد كاتبة أن المجتمع السعودي محافظ، ورغم ذلك ينشر السعوديون كل أسرارهم عبر الإنترنت. "العمري": سلم الرواتب الجامد لا يصلح.. وتوظيف القيادات الحكومية عبر القطاع الخاص "فساد" يكشف الكاتب الصحفي عبد الحميد العمري عما يطلق عليه "الوظائف الحكومية المخفية"، والتي تشير إلى قيام الأجهزة الحكومية بالتعاقد مع عددٍ من منشآت القطاع الخاص؛ لتقوم تلك المنشآت بتوظيف القيادات والمديرين "سعوديين، غير سعوديين" برواتب ضخمة لا تتقيد بسلم الرواتب الحكومية وفق أنظمة الخدمة المدنية؟ وذلك بهدف الاستفادة من هذه الكفاءات والتغلب على "جمود" الرواتب الحكوميّة المقيّدة، لكن وحسب الكاتب فإن هذه التعاقدات أصابت الموظّف الحكومي "التقليدي" بالإحباط؛ بسبب فارق الرواتب، مطالباً بمعالجة سُلّم الرواتب بدلاً من الالتفاف عليه. وفي مقاله "وظائف حكومية (مخفية)" بصحيفة "الاقتصادية" يقول: "لم يعد خافياً على أحدٍ أنّ رواتب الموظفّين في القطاع الحكومي؛ أقلُّ ما يُقال عن أغلبيتها إنّها لم تعد تسمنُ ولا تُغني من جوع.. انعكس هذا الأمر بالتأثير سلباً في إنتاجية الموظف؛ نتيجة تسرّب الإحباط إلى نفسيته.. لقد تحوّلتْ بيئة العمل في أغلبية تلك الأجهزة إلى بيئات أعمالٍ طاردة، حيث خسرت الكثير من الموظفين المتميزين، الذين ما إنْ يبتسم الحظ لأحدهم بتوافر فرصةٍ أفضل في القطاع الخاص، إلا انتقل إليها دون تأخير، وفي الوقت ذاته وجدت تلك الجهات الحكومية نفسها في موقف تنافسي ضعيف مع القطاع الخاص، حرمها من المحافظة على الكفاءات المتميزة لديها". ثم يرصد "العمري" تعاقد الجهات الحكومية لتوظيف قيادات ويقول: "ماذا قامتْ به تلك الأجهزة الحكومية لتنجح في القفز على "جمود" الرواتب الحكوميّة المقيّدة بأنظمة الخدمة المدنيّة؟ تشير التفاصيل إلى قيام تلك الأجهزة الحكومية بالتعاقد مع عددٍ من منشآت القطاع الخاص، تضطلع تلك المنشآت بدورها المحدد لها وفقاً لصيغ التعاقد بتوظيف القيادات والمديرين "سعوديين، غير سعوديين" وفقاً لرغبة الجهة الحكومية، ومن ثم يتولّى مهام منصبه وعمله في تلك الجهة الحكومية. بمعنى أنّ ذلك الموظف يتعاقد مع الشركة أو المؤسسة في القطاع الخاص، وفي واقع الأمر يكون مقر عمله الفعلي لدى الجهاز الحكومي، وكأنك أمام عملية تشغيل وإدارة للأجهزة الحكومية من خلال منشآت القطاع الخاص!". ثم يشير الكاتب إلى التأثير السلبي لتلك التعاقدات الخفية بالأجهزة الحكومية ويقول: "أصبح الموظّف الحكومي "التقليدي" وفق هذه الصيغة المستحدثة، واقعاً تحت ظروفٍ أسوأ من ذي قبل، فهو يؤدي مهام عمله ومسؤولياته الوظيفية مقابل راتبه المقيّد سلفاً بنظام الخدمة المدنيّة، وفي الوقت نفسه تجد زميله أو رئيسه في بيئة العمل ذاتها يقوم بالمهام نفسها أعلى منها أو أدنى حسب الحالة، ولكن لقاء راتبٍ يفوق الذي يتسلمه الموظف الحكومي بأضعافٍ كثيرة! وكلّما زادتْ تلك الفروقات في الرواتب، جاءت النتائج أكثر سلبيةً وتفاقماً على أرصدة الرضا الوظيفي والعدالة والإنتاجية لدى بقية الموظفين. وإذا كانت تلك التعاقدات ذات آثارٍ بالغة السوء في حال كان الأطراف المتعاقد معها من سعوديي الجنسية، فإلى أيّ درجةٍ يا تُرى سيكون سوؤها إذا كانت تلك الأطراف المتعاقد معها من غير السعوديين؟ إننا بصدد الحديث عن بيئة عمل حكومي تضم نحو 44.2 في المائة من إجمالي العمالة الوطنيّة في سوق العمل، أي نحو 1.15 مليون مواطن ومواطنة يعملون في القطاع الحكومي بنهاية 2013". ويتساءل "العمري": "هل اطلع مجلس الشورى أو ديوان المراقبة العامّة أو هيئة مكافحة الفساد على أيّ من تلك التعاقدات؟ وإذا لم يحدث من ذلك أيّ إجراءٍ من تلك الأطراف الثلاثة تجاه الأجهزة الحكوميّة التي قامتْ بتلك التعاقدات، فإنّ السؤال يكون: لماذا؟ ومتى سيتم ذلك؟ أليس هذا من أهم المؤشرات الدالّة على جمود أنظمة الخدمة المدنيّة، وتدنّي مستويات رواتبها؟". وينهي الكاتب قائلاً: "إنّ نتائج الحلول الاستثنائية أو الجزئية دون العمل الجاد على وضْع حلولٍ شاملة للمشاكل كافّة، تؤكد التجارب والدراسات أنّها ستكون وخيمة، وأنّها ستجرّ الأوضاع -بيئة العمل الحكومي هنا- إلى مزيدٍ من تفاقم مشاكلها وتشوهاتها! فهل سنرى تحرّكاً سريعاً من مجلس الشورى وديوان المراقبة العامّة وهيئة مكافحة الفساد قبل أن تتفجّر الآثار السلبيّة لما يحدث؟ أم ستنتظر حتى تتفجّر في وجه الاقتصاد الوطني والمجتمع؟ هذا ما ننتظر جميعاً الإجابة عنه من تلك الجهات، وتحديداً ما يتطلّع إليه بكل اهتمام 1.15 مليون موظف وموظفة في القطاع الحكومي.. فهل نرى الإجابة قريباً؟!". "بوحليقة": رغم أنه مجتمع محافظ.. السعوديون ينشرون كل أسرارهم على الإنترنت تطالب الكاتبة الصحفية د. إحسان بوحليقة بدراسة التناقض الواضح بين حال المجتمع السعودي المحافظ، الذي يرفض تناول أو البوح بخصوصياتنا الأسرية والعائلية والمهنية، وبين هذا المجتمع نفسه والذي ينطلق مغرداً وناطقاً بكل شيء حين يفتح مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبةً بالاستفادة من هذه الظاهرة في تطبيقات محلية مفيدة. وفي مقالها "غسيلنا على كل الحبال" بصحيفة "اليوم" تقول "بوحليقة": "رغم أننا مجتمع محافظ، وجزء من طبيعتنا أن نُجلّ خصوصياتنا الأسرية والعائلية والمهنية، لكن كثيراً منا ما أن يلج في حضرة "التواصل الاجتماعي" الافتراضي حتى ينطلق مغرداً وناطقاً بكل شيء! هذه ظاهرة تستحق ليس فقط التأمل العابر بل دراسات منهجية مستفيضة. لماذا نتحفظ أمام بعضنا البعض حتى ونحن نتحلق حول مائدة الغداء أو العشاء، ثم ننطلق دون أي قيود عندما نتواصل عبر الأجهزة الذكية؟ فنعرب عن مواقفنا من كل شيء". وتتساءل الكاتبة عن أسباب هذه الظاهرة وتقول: "هل السبب أننا لا نحب أو لا نجرؤ على مواجهة بعضنا بعضاً؟ أم ماذا؟ في أحيان تجد شخصاً (رجلاً أو امرأة) في منتهى الانفتاح في مجتمعه الافتراضي، فما أن ينقلب إلى أهله وأصدقائه وزملائه حتى يعود متزمتاً عنيفاً، والعكس بالعكس! هل إقبالنا المفرط على وسائل التواصل الاجتماعي له أسباب وموجبات؟ هل هي مجرد الرغبة في التعارف والتواصل وبث بواعث نفوسنا؟ أم إنها وسيلة لقضاء الوقت، لا فرق بينها وبين الجلوس مع أصحابٍ في مقهى واضعاً كل منهم قناعاً يفصل بين واقعه الحقيقي وبين من يشاركونه جلسة المقهى؟ لا أملك إجابات لكن إقبال السعوديين على التواصل الاجتماعي الافتراضي يتطلب دراسات تحليلية متعمقة اجتماعياً واقتصادياً". وتدعو الكاتبة إلى الاستفادة من شغف السعوديين بمواقع التواصل الاجتماعي وتقول: "إن العديد من الرياديين بوسعهم الاستفادة من ظاهرة إقبالنا كمجتمع على الأجهزة الذكية، ليطلقوا تطبيقات تستوعب شغفنا، فمثلاً حتى الآن لا توجد تطبيقات محلية تحول مرورنا الهائل عبر الإنترنت لقيمة مضافة لاقتصادنا الوطني، وبالمقابل فقد أفدنا تطبيقات عديدة بدفع اشتراكات وإعلانات ورسوم". وتنهي الكاتبة قائلة: "إن أمامنا جانبين؛ الأول يتصل بالمحتوى، والثاني بحركة المرور وكثافة الإقبال. أما ما يتعلق بالمحتوى، فافتقار مجتمعنا واقتصادنا لتوظيف الإبداع المعرفي محلياً جعلنا نعتمد تماماً على تطبيقات خارجية في كل شيء وأي شيء، حتى في تطبيق "سلة المقاضي"، مما جعل كماً هائلاً من معلوماتنا متاحة للملأ. وما يتعلق بالاستخدام الكثيف، فعدم استغلالنا له يُفوِّت علينا فرصاً اقتصادية مهمة ويمررها لآخرين، ونحن لا نبالي رغم كل المخاطر والتكاليف".