عكاظ اليوم - السعودية السجن إصلاح وتهذيب، فهو مؤسسة إصلاحية تأهيلية، لا تهدف فقط إلى الانتقام من الجاني وتعذيبه، بل تهدف إلى إصلاحه وإعادة تأهيله، وإن لم يكن السجن كذلك، فسوف يتحول إلى أكبر أكاديمية لتعليم الجريمة، يتم فيها تبادل المعلومات والشفرات والإشارات التي تساعد على تخريج، مجرمين ملمين بشتى أنواع الجريمة، وبالثغرات اليسيرة التي مكنت رجال الأمن من اكتشاف هذه الجريمة أو تلك، فهل نجحت السجون عندنا في كونها مدارس للإصلاح والتهذيب وتقويم السلوك؟ وكيف يكون ذلك في بيئة تغيب فيها الرقابة الصارمة، على من لا يزالون يتقلبون في حضن الجريمة .. ولم يشفوا من هذه العدوى الشرسة التي أودت بهم؟ ماينشر عن المصائب التي تحدث في السجون، والكثير مما لم ينشر، من حوادث الاغتصاب والتهريب والاحتيال، والقتل والتخريب (داخل أسوار السجن)، وآخرها ماحدث في سجن عرعر، من تآمر ثلاثة مساجين ضد رابع في ذات العنبر، فإنه يدل دلالة قاطعة على أمرين: أولهما: أن السجن لم ينهض بدوره التقويمي الإصلاحي التهذيبي، فبالرغم من السجن ولفترة طويلة، قاربت العشرين عاما لأقدم سجين، إلا أنها لم تثنه عن المشاركة في الجريمة من جديد، ولم تهذبه هذه المدة سلوكيا، ولم تردعه عن الإقدام على مافعل، لأنه لم يشف من إجرامه، شفاء تاما، حتى بعد عشرين سنة، الأمر الآخر هو غياب الرقابة اللصيقة داخل العنابر لفترات طويلة، وهذا الأمر يعطي أصحاب الميول الإجرامية المتأصلة، فرصة لممارسة التأثير على غيرهم، أو يعطيهم مساحة للتحايل على الأمن وممارسة أنواع أخرى من الجريمة. إن خطر السجين ذو النزعات الإجرامية المتأصلة على المجتمع، لا يقتصر على هروبه إلى خارج مبنى السجن فقط، بل هو خطر على المجتمع حتى وهو داخل أسوار السجن إن لم يتم محاصرة جريمته في أصغر دائرة، حتى يتم القضاء عليها. هذا هو الدور الفاعل للسجون أو الإصلاحيات.