اليوم - السعودية حثت الشريعة الإسلامية على الوفاء بالوعد، واعتبرته من مكارم الأخلاق وعلامة من علامات الإيمان الصادق، كما أكدت على أن عدم الوفاء بالوعد صفة من صفات المنافقين، قال صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث» ومنها «إذا وعد أخلف»، فالوفاء بالوعد ممدوح شرعاً ما دام الموعود به ليس محرماً، أما إذا كان محرماً فيحرم الوفاء بالموعود. والوعد بالتعاقد هو مرحلة تمهيدية -تعرف بالاتفاق الابتدائي- لعقد يراد إبرامه في المستقبل ليستكمل المتواعدان متطلبات العقد النهائي كإعداد الثمن أو اللجوء إلى الآخرين لطلب المشورة وإلى غير ذلك. ويطلق على الوعد بالتعاقد في العصر الحديث عدة مسميات كخطاب النوايا أو مذكرة التفاهم، فإذا تم الاتفاق بين الطرفين وأبدى الموعود له رغبته في العقد خلال المدة المتفق عليها فإن العقد ذاته يستقر صحيحاً، أما إذا انقضت مدة الوعد بالتعاقد دون أن يعلن الموعود له رغبته في إبرام العقد والالتزام به فإن العقد لم ينعقد بين الطرفين. ويعرف الوعد بالتعاقد بأنه: «التعبير الصادر عن إرادة أحد الأطراف إلى الطرف الآخر برغبته في التعاقد». واختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في حكم الوفاء بالوعد، حيث يرى جانب من الفقه إجبار الواعد على الوفاء بالوعد مطلقاً، ويرى جانب آخر من الفقهاء عدم إجبار الواعد على الوفاء بالوعد مطلقاً، أما الرأي الراجح فهو رأي فقهاء المالكية وهو وجوب الوفاء بالوعد إذا قام الموعود له بالبدء في التحضير من أجل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وخير مثال على ذلك ما تطبقه البنوك بما يسمى بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو أن يطلب العميل مثلاً من البنك شراء سيارة بالتقسيط فهذا يعد وعداً من العميل بإبرام عقد شراء سيارة، فيقوم البنك بالتحضير لتنفيذ العقد ويشتري السيارة بثمن نقدي من أجل بيعها للعميل بالتقسيط بربح معلوم، ففي هذا المثال يجب على العميل الالتزام بوعده بشراء السيارة نظراً للأضرار التي سيسببها للبنك في حال عدم التزامه بالشراء. ويشترط في الوعد بالتعاقد تعيين كافة المسائل الجوهرية اللازمة للعقد الموعود بإبرامه، ويشترط أيضاً تحديد مدة محددة للوعد بالتعاقد يلتزم فيها الواعد بوعده ويلتزم فيها الموعود له بالتفكير بين إتمام العقد أو رفضه، ومن جهة أخرى يشترط مشروعية محل الوعد بالتعاقد ويشترط فيه ما يشترط في محل أي عقد بصفة عامة، وأخيراً، يشترط في الواعد توافر الأهلية الكاملة إضافة إلى خلو إرادته من عيوب الرضا. وقد خلص مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409ه إلى أن الوعد هو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد ويكون ملزماً ديانةً إلا لعذر، كما أنه ملزم قضاءً إذا كان معلقاً على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلاً بسبب عدم الوفاء بلا عذر. ختاماً، فقد جرت العادة بأن يدرج في مذكرات التفاهم أو خطابات النوايا بند يبين التزام الطرفين بالوعد بالتعاقد من عدمه، أو تحديد فترة محددة لإبرام العقد وإلا سقط حق الوعد بالتعاقد، وهناك العديد من التطبيقات الحديثة للوعد بالتعاقد في عقود التجارة الدولية ومن ذلك المفاوضات والتوصل لنتيجة إيجابية قد يعد أحد طرفي المفاوضات الآخر بإبرام صفقة تجارية معه عند تحقق الرغبة الكاملة لدى الطرف الآخر خلال مدة معينة وهذا ما يسمى بالوعد بالتعاقد.