د. أحمد بن عبدالعزيز الصقيه اليوم - السعودية استكمالاً لما سبق الحديث عنه حول الأنظمة التجارية في المملكة أنقل هنا ما أشارت إليه دراسة منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الرابعة، والتي تشرفت بالمشاركة فيها لأسلط الضوء على التطور التاريخي للأنظمة التجارية في المملكة؛ مما يساعد على تحليل واقعها، كما يساعد على فهم الفلسفة القانونية التي ارتكزت عليها. حيث كشفت الدراسة من خلال بيان التطور التاريخي للأنظمة التجارية في المملكة أن نظام المحكمة التجارية مقتبس من القوانين العثمانية المأخوذة بدورها عن المجموعة الفرنسية الصادرة 1807م، وهذا الأخير مأخوذ عن مجموعة لويس الرابع عشر 1773م، والتي تعد تقنينا للأعراف والعادات التجارية التي كانت سائدة، كما أن التطور التاريخي للاختصاص بنظر المنازعات التجارية في المملكة قد مر بمراحل عديدة، ولكنه في الوقت الحاضر تتقاسمه جهتان: الأولى ديوان المظالم، والثانية اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي، وسيظل الأمر على هذا الوضع إلى أن يتم تفعيل نظام القضاء السعودي الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/78 وتاريخ 19/9/1428ه، إذ بمجرد تفعيله سيسحب الاختصاص بنظر المنازعات التجارية من ديوان المظالم ومعظم الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي، ومن ثم ستكون المحاكم التجارية المنصوص عليها فى هذا النظام صاحبة الولاية العامة بنظر المنازعات التجارية. أظهرت الدراسة من تحليل واقع الأنظمة التجارية في المملكة أن نظام المحكمة التجارية لم يبق منه إلا القليل ولم يعد صالحاً للتطبيق، وذلك بعد صدور أنظمة أخرى تتضمن كثيراً من الأحكام الواردة به، كما أن الأحكام المتعلقة بالأعمال التجارية والتاجر والدفاتر التجارية والسجل التجاري والعقود التجارية المنظمة والإفلاس والتسوية الواقية منه والأوراق التجارية تحتاج إلى تحديث يتماشى مع التطورات الواردة في هذا الشأن. وأضافت الدراسة أن الأنظمة التجارية في المملكة لم تتضمن أحكام المحل التجاري، والمنافسة غير المشروعة، وبعض العقود التجارية، وعمليات البنوك. كما أن بعض الأعمال التجارية الأصلية (المنفردة على سبيل الاحتراف)، بحاجة إلى تطوير، بما يتماشى مع التطورات التي أدخلتها التشريعات التجارية المقارنة في هذا المجال وبما يتناسب مع متطلبات التنمية داخل المملكة. وقد أشارت الدراسة للحاجة إلى وضع نصوص مرنة تسمح بإضافة الأعمال التجارية الجديدة عند تعداد الأعمال التجارية، والحاجة إلى وضع أحكام تفصيلية للأهلية التجارية، للسعوديين وغير السعوديين الرجال منهم والنساء. والحاجة إلى مراجعة نظام المنافسة غير المشروعة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/25 وتاريخ 4/5/1425ه، وتعديله بحيث لا يقتصر فقط على حماية المنافسة العادلة وتشجيعها ومكافحة الممارسات الاحتكارية. وكذا الحاجة إلى تنظيم العقود التجارية المستحدثة ذات الأهمية بما يتفق ومقتضيات التنمية، والواقع العملي داخل المملكة. وما يخص تطوير القواعد التي تحكم الإفلاس في المملكة لتأخذ منحى الأخذ بيد الجهات المتعثرة ومنحها الفرصة لتسوية أوضاعها وإعادة هيكلتها وإتاحة الفرصة للتجار والمؤسسات لإعادة تقييم وضعها الاقتصادي والمالي وغيرها من التعديلات والإضافات التي يلزم إجراؤها على الأنظمة التجارية والتي أشارت لها الدراسة. @alsgaih