أصدر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - المراسيم الملكية اللازمة بالموافقة على نظام المرافعات الشرعية ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم ونظام الإجراءات الجزائية «نظام الإجراءات الجنائية» كإضافة هامة للمنظومة القضائية، وسأتطرق من خلال هذا المقال لأبرز ملامح مشروع نظام المرافعات الشرعية والجوانب المتعلقة به مع عمل مقارنة بالنظام السابق الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/21 وتاريخ 20/5/1421ه علماً بأن التصدي لشرح النظام وتحليله بشكل وافٍ سيكون بعد نشر مشروع النظام في شكله النهائي في الجريدة الرسمية وصدور لائحته التنفيذية. أوجب النظام في مادته الثالثة على المحكمة رفض الدعوى الصورية أو الكيدية مع الحكم على من يثبت عليه ذلك بالتعزيز، واستبدلت المادة الخامسة في النظام القديم والتي تنص على: «تقبل الدعوى من ثلاثة على الأقل من المواطنين في كل ما فيه مصلحة عامة إذا لم يكن في البلد جهة رسمية مسئولة عن تلك المصلحة»، بالمادة الرابعة في النظام الجديد حيث قصرت إقامة دعوى الحسبة عن طريق المدعي العام بعد موافقة الملك، كما نصت على عدم سماع دعوى الحسبة بعد مضي ستين يوماً من تاريخ نشوء الحق المدعى به، وألزمت المادة التاسعة في النظام الجديد كل شخص اختار لنفسه مكان إقامة خاصاً لتلقي التبليغات إبلاغ المحكمة في حال بدّل مكان إقامته الخاص أو العام الذي يتلقى فيه التبليغات.. وهذا يسري على الشخص سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً.. في حين أجاز النظام الجديد في المادة الحادية عشرة الاستعانة بالقطاع الخاص في تحضير الخصوم، بالإضافة إلى استمرار الاستعانة بالمحضرين، ولا شك أن هذا سيسهم في سرعة وسهولة تبليغ الخصوم الأمر الذي سينعكس إيجاباً على سير الدعوى ومماثل لما هو مطبق في بعض الدول المجاورة كالمملكة الأردنية الهاشمية وفق قانون أصول المحاكمات المدنية. حدد النظام في فصله الثاني اختصاص المحاكم العامة، حيث استحدث محاكم للأحوال الشخصية ومحاكم عمالية ومحاكم تجارية حيث تختص محاكم الأحوال الشخصية بالنظر في الآتي: أ - جميع مسائل الأحوال الشخصية ومنها: 1 - إثبات الزواج، والطلاق، والخلع، وفسخ النكاح، والرجعة، والحضانة، والنفقة، والزيارة. 2 - إثبات الوقف، والوصية، والنسب، والغيبة، والوفاة، وحصر الورثة. 3 - الإرث، وقسمة التركة بما فيها العقار إذا كان فيها نزاع، أو حصة وقف أو وصية، أو قاصر أو غائب. 4 - إثبات تعيين الأوصياء، وإقامة الأولياء والنظار، والإذن لهم في التصرفات التي تستوجب إذن المحكمة، وعزلهم عند الاقتضاء، والحجر على السفهاء، ورفعه عنهم. 5 - إثبات توكيل الأخرس الذي لا يعرف القراءة والكتابة. 6 - تزويج من لا ولي لها، أو من عضلها أولياؤها. ب - الدعاوى الناشئة عن مسائل الأحوال الشخصية. ج - الدعاوى المرفوعة لإيقاع العقوبات المنصوص عليها في نظام الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين، ومن في حكمهم. وتختص المحاكم العمالية بالنظر في الآتي: 1 - المنازعات المتعلقة بعقود العمل والأجور والحقوق وإصابات العمل والتعويض عنها. 2 - المنازعات المتعلقة بإيقاع صاحب العمل الجزاءات التأديبية على العامل، أو المتعلقة بطلب الإعفاء منها. 3 - الدعاوى المرفوعة لإيقاع العقوبات المنصوص عليها في نظام العمل. 4 - المنازعات المترتبة على الفصل من العمل. 5 - شكاوى أصحاب العمل والعمال الذين لم تقبل اعتراضاتهم ضد أي قرار صادر من أي جهاز مختص في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، يتعلق بوجوب التسجيل والاشتراكات أو التعويضات. 6 - المنازعات المتعلقة بالعمال الخاضعين لأحكام نظام العمل، بما في ذلك عمال الحكومة. 7 - المنازعات الناشئة عن تطبيق نظام العمل ونظام التأمينات الاجتماعية. ويُلاحظ أن المحاكم العمالية ستكون ذات اختصاص في نظر مطالبات ودعاوى العاملين الذين لم يقم صاحب العمل بتسجيلهم في التأمينات الاجتماعية، وهذا الاختصاص لم يكن منعقداً لهيئات تسوية الخلافات العمالية بوزارة العمل ولا لغيرها من اللجان والمحاكم في السابق. في حين تختص المحاكم التجارية بالنظر في الآتي: 1 - جميع المنازعات التجارية الأصلية والتبعية التي تحدث بين التجار. 2 - الدعاوى التي تقام على التاجر بسبب أعماله التجارية الأصلية والتبعية. 3 - المنازعات التي تحدث بين الشركاء في الشركات. 4 - جميع الدعاوى والمخالفات المتعلقة بالأنظمة التجارية، وذلك دون إخلال باختصاص ديوان المظالم. 5 - دعاوى الإفلاس والحجر على المفلسين ورفعه عنهم. 6 - المنازعات التجارية الأخرى. أي أن المحاكم التجارية ستنظر المنازعات المتعلقة بالشراء لأجل البيع والسمسرة وأعمال التجارة البحرية والوكالة بالعمولة (انظر القانون التجاري السعودي لأستاذنا المرحوم معالي «الدكتور - محمد حسن الجبر، الرياض، 1408ه») في حين لن يكون للمحاكم التجارية اختصاص بنظر قضايا ومنازعات التأمين والأعمال المصرفية والأوراق المالية، حيث ستظل هذه المنازعات من اختصاص اللجان القائمة حالياً. ولغرض عدم إطالة أمد التقاضي فقد نصّ النظام الجديد على تحديد موعد جلسة لنظر الدعوى في يوم تقديم صحيفة الدعوى وأن يقوم الكاتب المختص في اليوم التالي على الأكثر (أي أنه يمكن له اتخاذ الإجراء في نفس يوم) تقديم صحيفة الدعوى وذلك بتسليم أصل الصحيفة وصورها إلى المحضر أو المدعي لغرض تبليغ المدعى عليه بالدعوى وموعد الجلسة، على أن يقوم المحضر أو المدعي بتسليم الصحيفة خلال 15 يوماً على الأكثر. كما أجاز النظام تدوين بيانات صحف الدعاوى والتبليغات ومحاضر الدعاوى... إلخ إلكترونياً وفقاً لنظام التعاملات الإلكترونية الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/18 وتاريخ 8/3/1428ه. كما نص النظام على أن تقوم المحكمة بإصدار صك الحكم خلال مدة لا تتجاوز عشرين يوماً من تاريخ النطق به. في حين تم حذف الباب المتعلق بالتنفيذ، وذلك نتيجة لصدور نظام مستقل للتنفيذ.. كما حدد النظام طرق الاعتراض على الأحكام وذلك من خلال الاستئناف، النقض، والتماس إعادة النظر.. كما أجاز النظام المرافعة لدى قضاء الاستئناف. ختاماً، لا شك أن نظام المرافعات الشرعية الجديد يُعد إضافة كبيرة للنظام القضائي في المملكة، حيث سيسهم في ترسيخ العدالة والاستقلال، كما سيبعث الطمأنينة في نفوس المتعاملين في ظل وجود نظام يحفظ حقوقهم، إلا أنه ولغرض ضمان نجاح تطبيق النظام في كافة مواده على نحو سليم، فإن هذا يتطلب استقطاب كوادر بشرية إضافية مؤهلة ذات خبرة في القضايا التجارية والعمالية وإلمام تام بالأنظمة ذات العلاقة بالمحاكم المستحدثة في هذا النظام، ومن ذلك على سبيل المثال نظام العمل، نظام التأمينات الاجتماعية، نظام المحكمة التجارية، نظام الشركات، ونظام التسوية الواقية من الإفلاس. والله الموفق.