أنحاء -السعودية اختلفت مع صديق لي عن مجلس الشورى حيث لامني في انتقادي لقول احد لجانه انه لا توجد بطالة في المملكة، فقلت له لا لوم علينا حقاً ولا عليهم. فلابد أن نتفق أولاً أن مجلس الشورى، الذي أكن كل له التقدير، هو مجلس اختاره ولى الأمر ليستشيره فيما يراه، فهو بذلك جزء من السلطة التنفيذية. فالهدف من إنشاء المجلس هو المشورة لولي الأمر وخيرا فعل ولي الأمر، فلا خاب من استخار ولا ندم من استشار. ويقول البعض إن له هدفاً أخراً وهو إقناع الغرب أن لدينا نموذجاً يقارب ما تأكد لديهم في أساسيات الهياكل الديمقراطية. لكن دعنا من هذا الهدف فأنا لا أصدقه فنحن بتمسكنا بالله لا نحتاج أن نقنع الغرب بشيء. وربما دفع البعض لذلك القول هو مسارعة مجلسنا إلى الانضمام لاتحاد البرلمانات العالمي. ثم ما تسرب من أقوال غريبة مثل قولهم أن مجلس العموم البريطاني يتعلم من مجلسنا ونحو ذلك مما يرتفع له الحاجب دهشة وينعقد منه اللسان حيره . وحيث أن هدف المجلس الوحيد هو تقديم المشورة لولى الأمر فقد نشأ الإشكال في تويتر بين الناس ومجلسنا عندما حاول بعض الأعضاء الباسه لباس البرلمان. ربما وجود القبة في البناء أو هم بذلك الادعاء، ولكن ليست كل القبب سواء. وليس كل مزار تحته ولى ، وليس كل فارسٍ علىٌ. تجربتنا جيده لكن البرلمانات شيء أخر غير تجربتنا فان تحدثنا عن ذلك في الفقه القانوني الفرنسي وهو أبو القوانين ، أقول البرلمانات يا ساده لها 6 أهداف محددة يعرفها كل من درس القانون الدستوري وهى :- 1- تشكيل الحكومة، إما بالتكليف المباشر بتشكيل الوزارة في الأنظمة البرلمانية أو اعتماد الترشيحات للمناصب العامة والمراتب العليا في الأنظمة الرئاسية. وله إن شٌكل الوزارة أن يسقطها وله إن أعطى ثقة أن يسحبها (وفق تفصيل يعرفه فقاء القانون) 2- سن القوانين التي تنظم حياه المجتمع فهو أساس السلطة التشريعية حسب نظريه السلطات الثلاث. فكيف يُحكم الناس بقوانين هم لم يضعوها لتحكمهم . 3- اعتماد مشروع الميزانية العامة للدولة، فتعرض عليه موارد المال فيقرها وتعرض عليه مصارف المال العام فيحدد أولوياتها. لا حكم في المال إلا حكمه ولا إنفاق إلا بأمره ولا رسوم أو ضرائب إلا بإذنه. 4- مراقبه الأداء الحكومي، فإليه ترفع تقارير أجهزه الرقابة على الأداء الحكومي مثل جهاز الرقابة الإدارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات أو هيئه مكافحه الفساد أو نحو ذلك. فتلك الأجهزة تقدم للبرلمان تقاريرها ولا تقدمها إلى السلطة التنفيذية. أيراقب الشخص نفسه؟ وللبرلمان في تحقيق ذلك الهدف مسألة الوزراء على ثلاث درجات، استفسار وسؤال واستجواب. 5- ومن مهامه كذلك حراسه المال العام والثروات العامة من إن تمد لها يد.فلا نقول " ويل " لمن تسول له نفسه بل نقول " برلمان " لمن تسول له نفسه أن يستأثر لنفسه بمال عام أو ارض عامه أو ثروة قوميه . برلمان ثم برلمان له . 6- إقرار الاتفاقات الدولية والدخول في حالات الحرب والسلام والتحالفات والاتحادات مع الدول. فمن حيث الهدف هذا هو الاختلاف بين الشورى والبرلمان، وأما آلية التشكيل فتعكس الهدف، فعندما يريد ولى الأمر المشورة فالعقل و المنطق يقول انه هو يختار من يستشيرهم " فيختار" هو مجلسا للشورى، أما عندما تريد الأمم اختيار برلماناً ليقوم نيابة عنها بتلك الأهداف السته فهي " تنتخب " ممثليها. وإحقاقا للحق أقول ان ولى أمرنا قد اختار فأحسن الاختيار ، أختار للشورى نخبه من أفضل نماذج المجتمع واقدرها وأعقلها. نعود لموضوع المقال فأقول ربما نشأ الإشكال عندما حاول بعض أعضائه إعطاءه دور البرلمان ( قال لنا احد أعضاء الشورى في الغرفة التجارية أن الشورى يقوم بكل العمل البرلماني ) فان كان ذلك ، فليس خطأهم وحدهم بل نحن كذلك أخطأنا، فقد أصبح البعض منا يعلق على مجلس الشورى أمالا هي ليست من مسؤولياته المحددة نظاما، فكل ميسر لما خلق له. لا تظلموه، فلو تعاطف كل أعضاء المجلس مع المواطن وقرروا مثلا زيادة المرتبات ريالاً واحد ، لا يستطيعون إلا أن يوصوا وزاره المالية بذلك الريال خيراً. ولا ينقص ذلك ابدآ من دورهم الحقيقي في تقديم المشورة الصادقة لمتخذ القرار. إن ولى الأمر حفظه الله جعل للشورى ان يناقش ما يراه. وللحق فقد ناقشوا مئات المواضيع الهامة إلا أن ما لمع في الإعلام هو انه ناقش الرضاعة الطبيعية، ورغم امتداد الشبوك التي لم يروها وبينما تقتل أزمة أراضي السكن أمال الشباب طلب احد الأعضاء مناقشه أزمة دورات المياه (لولا أن تصدى له المجلس بالرفض). وزاد من ذلك الإشكال تسريبات من تحت القبة عن أقوال وقرارات غريبة مستفزه للناس إما بتوجيه بعدم رفع سقف معاشات التقاعد أو قرارات احد اللجان أن لا بطالة في المملكة وثم توجوا كل ذلك بطلب أوسمه ونياشين لأنفسهم!!!! إذاً السبب الأساس لكل المشكلة هو نشر أخبار المجلس، فلولا الإخبار لما صار الإشكال. طالما هو مجلس استشاري لولى الأمر فالرأي ألا ينشر عنه شيء على الإطلاق. فهو مستشار يقدم استشارة لمستشير، فما لنا وذاك؟ فالواجب ألا يخرج منه خبر لنا ولا تصريح لا بقول ولا بتلميح. نحن يهمنا معرفه القرار لا ما حدث قبله من حوار. فهل كنا مثلاً نسمع عن حوارات اللجنة الخاصة بمجلس الوزراء؟ تلك اللجنة التي خرجت منها على مدى عقود أفضل القوانين صياغة وإعدادا ؟ ومن نتاج مناقشاتها الثرية بنيت كل هياكل الدولة التي ننعم الآن بها؟ وأخيراً أقول فليبق هذا المجلس بتشكيله الممتاز جدا (والهدف) الجيد الذي يؤديه بصمت. أما من كان يبحث عن (الأهداف الستة) المذكورة فليبحث عنها في مظانها. ولكن عليه أن يكون دقيقاً في باصاته في خط ال 18حتى لا يضيع الهدف برفع رأيه التسلل ولا أن ينال ضربه جزاء في الوقت القاتل، وأخيراً فليحترس من الكارت الأحمر.