قال الشيخ الدكتور الشريف حاتم العوني عضو مجلس الشورى: لم يقل أحد من أهل العلم منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين إلى زمن الأئمة المتبوعين، وعلى امتداد قرون كثيرة بعد ذلك، إن دخول النساء مجلس الشورى حرام، . جاء ذلك ردًا على سؤال للشيخ حاتم العوني عن حكم كون الشورى إلزامية، وهل يجوز أن تكون إلزامية للحاكم، فقال: يصح شرعًا أن تكون الشورى إلزامية؛ لأن كونها إلزامية أو غير إلزامية أمرًا من المصالح المرسلة، فإن كان الأصلح للناس أن تكون الشورى إلزامية فليس في الشرع ما يمنع ذلك وتكون الشورى حينها مثلها مثل بقية أنظمة الدولة التي تقوم على قاعدة المصالح المرسلة لا على ورود النص بها، كنظام مجلس الشورى نفسه، فنظامه العصري يقوم على طلب تحقيق المصالح، وأما تصوّر أن إلزاميتها يعارض وجوب طاعة ولي الأمر (الحاكم)، فهو تصور خاطئ؛ لأن أوجب واجبات ولي الأمر وما من أجله أوجب الشرع بأدلته (النقلية والعقلية) تأمير حاكم، وما لأجله اتفق عقلاء البشر كلهم على ضرورة وجود هذه الوظيفة: هو من أجل أن يقوم هذا الحاكم على مصالح الناس، ويحفظ عليهم هذا الموظفُ الكبير دينهم ودنياهم، لذلك وُجد الحاكم أصلًا، وهذه هي وظيفته الحقيقية، ولذلك وجبت طاعته فيما تجب طاعته فيه، فإذا ثبت لنا أن جعل الشورى إلزامية أصلح للناس فلا يجوز أن نترك الأصلح بحجة الطاعة المطلقة لولي الأمر. وأضاف الدكتور العوني: كما أن لكون الشورى إلزاميةً تكييفًا شرعيًّا يناسب بعض المناهج الفقهية القائمة على التخريج على أقوال أهل العلم، وهو أن أقول: إذا رضي الحاكم بإلزامية الشورى فهذا يتخرج على ما لو تنازل عن بعض صلاحياته لغيره، فله ذلك، ولا يعارض ذلك وجوب طاعته، بل من طاعته حينئذ أن نطيعه فيما تنازل به من سلطاته، ومن ذلك أن نطيعه في إلزامية الشورى، ومع ذلك ففي كل الأنظمة الديمقراطية هناك استثناءات وحالات تبيح للحاكم اتخاذ القرار دون الرجوع للبرلمان، فسيبقى للحاكم وجه من وجوه تَميزه بوجوب طاعته فيها، فلا ينتقض هذا الأصل (وجوبُ الطاعة) بالكلية حتى مع القول بإلزامية الشورى. وقال الشيخ العوني: عندما يرى البعض عدم جواز تعيين نساء في مجلس الشورى لعدم وقوع ذلك في عصور الإسلام الأولى، فهو يقول بوهم كبير؛ لأنه لم يكن هناك مجالس رسمية للشورى أصلًا، فلم يكن هناك مستشارون معينون ولا منتخبون، لا رجال ولا نساء. ويضيف: ويزداد هذا الرأي استغرابا عندما يقولون إن حوادث استشارة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه للنساء كانت حالات فردية، فلم يُنقل أنهن كن مستشارات، وكأنه كان هناك مستشارون بالمعنى العصري! فكما ثبتت استشارة الرجال في حوادث فردية، ثبتت استشارة النساء أيضًا، وكما لم يكن هناك مستشارات من النساء، لم يكن هناك مستشارون من الرجال أيضًا، فإذا لم تدل استشارة النساء على صحة كونهن مستشارات في مجلس الشورى، يجب ألا تدل استشارة الرجال على صحته أيضًا، لأنه لا الرجال ولا النساء كانوا مستشارين بالمعنى العصري، لأنه لم يكن هناك أشخاص محددون لذلك (تعيينًا أو انتخابًا) ولا هناك مجالس شورى بتنظيمها الحديث. وزاد الشيخ العوني: على منهجهم في الاستدلال، يمكن أن نقول: لم يقل أحد من أهل العلم منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين إلى زمن الأئمة المتبوعين وعلى امتداد قرون كثيرة بعد ذلك إن دخول النساء مجلس الشورى حرام! فلو كان حرامًا، لماذا لم يذكر هذا التحريم أحد علماء السلف؟ ولماذا لا تذكر كتب الفقه كلها هذا الحكم؟! ولقد تكلم العلماء عن حكم تولي النساء الولايات العامة كالإمامة العظمى والقضاء وغير ذلك، وقد اختلفوا في بعض ذلك، ولهم في ذلك نقاشات واستدلالات، فلو كان حكم تعيين النساء في مجلس الشورى هو التحريم (كما يدّعي البعض)، فلماذا لا نجد له ذكرًا كما وجدنا ذكر غيره من الأحكام فيما سبقت الإشارة إليه؟!. واختتم الشيخ الدكتور الشريف حاتم العوني عضو مجلس الشورى بقوله: أما التحريم بناء على سوء الظن، أو دعوى النظر في المآلات الغيبية، فلا يختلف عن تحريم أشياء كثيرة، سابقًا، تبيّن فيها وهمهم.