الجزيرة- السعودية رغم تفنن الشحاذين بابتكار أساليب جديدة وغريبة ومدهشة إلا أنني لأول مرة أقرأ عن أساليب رومانسية في الشحاذة أو التسول تستهدف مشاعر الناس وأحاسيسهم للحصول على أكبر مردود من جيوبهم خاصة من جيوب ومحافظ اللاهثين خلف سراب الرومانسية من المحرومين، ومن يعانون من الجفاف العاطفي. الرومانسية عندما تدخل كأسلوب مقنن إلى عالم الشحاذة الفسيح فلا غرابة أن تتحول الشحاذة إلى مليونيرة في سنوات قليلة إذ لا مشكلة في أعداد الزبائن الذين سيتقاطرون من كل حدب وصوب عطاشى يبحثون عمن يروي ظمأ قلوبهم الجافة. الأسبوع الماضي تمكن مكتب مكافحة التسول بتبوك وبتعاون قوات المهمات الخاصة والدوريات الأمنية والبحث الجنائي من القبض على شحاذين من بينهم متسولة من إحدى الجنسيات العربية كانت تحمل شنطة عليها قلوب وبداخلها ورود معطرة تصطاد زبائنها بأساليب رومانسية متعددة لتحصل على مبالغ كبيرة. قرأت أيضا عما يدور في الإنترنت من عمليات تسول عاطفي يمكن تصنيفها ضمن الابتزاز عن طريق الرسائل الالكترونية ومواقع السكاي بي بعرض صور مغرية وربط مواعيد كاذبة للحصول على أموال وبطاقات شحن وهدايا وبعض هؤلاء ذكور يوهمون الناس بأنهم إناث. حاولت الربط بين حالة المرأة وما يجري في النت فوجدت أن الغاية واحدة مع الاختلاف في الطرق وكون الأمر في حالة المرأة المتسولة أنك تتعامل مع شخصية حقيقية بينما في النت مع شخصيات وهمية. يعتقد البعض أن الشحاذ أيا كانت الطريقة التي يستخدمها مسكين يستحق الشفقة والعطف لكن أغلبهم للأسف يعكسون هذا الاعتقاد تماما إذ يجنون من التسول مايفوق راتب أكبر مسئول. هل تصدق أن شحاذا في الحرم المكي توفي قبل سنوات فوجدوا في المكان الذي يقطنه مئات الآلاف من الريالات؟ أمر الشحاذين غريب ويدعو للعجب وطبعا لا علاقة له بالحاجة وادعاء البعض أن الفقر والبطالة هي التي تدفع هؤلاء للتسول فمن الشحاذين المحترفين من يستطيع إقراض مئات الأشخاص. لفت نظري مقطع لامرأة في أحد البلدان وضعت قردا على كرسي متحرك تدور به في الشوارع بينما يردد جهاز التسجيل المثبت في الكرسي عبارات تستدر عطف المارة ومنها عبارة "حاجة لله". بالله عليكم كم يبلغ دخل هذه المرأة يوميا؟. في واقعة طريفة وذكية ظهر مقطع على اليوتيوب في مطلع الأسبوع الماضي لرجل عجوز متشرد في شوارع بكين الصينية ومعه عصفور أليف صغير قام بتدريبه ليساعده في الحصول على النقود حيث يقوم بإطلاقه كل فترة ليذهب للزبائن في الجهة المقابلة ليحضر ما يضعونه بأيديهم من نقود في رضا وقناعة منهم. هذا الشحاذ وبأسلوب ذكي يتسول لكن بطريقة محترفي السرك! أذكر قبل عشر سنوات كنا في المسجد لصلاة الجمعة فقام شحاذ يثير الشفقة يزحف على الأرض وكأنما قطعت رجلاه، ثم وجه وجهه لجماعة المسجد وأخذ يتمتم بكلمات وتفيض من عينيه العبرات، فقام في حينها رجل أعتقد أنه من مكافحة التسول وما أن رمقه الشحاذ ويبدو أنه صاحب خبرة عريضة حتى قفز فجأة واقفاً على قدميه أمام ذهول الناس ثم أطلق ساقيه للريح متخطيا رقاب المصلين بسرعة لم تترك مجالا لأحد رغم أن هناك من حاول الإمساك به إلا أنه لم يفلح ليتجه لأقرب باب ثم يختفي عن الأنظار. أساليب وطرق كثيرة لكسب المال بسهولة حتى وصل الأمر للطرق الرومانسية ورغم ذلك مازال المتسولون يشوهون صورتنا بتواجدهم في كل مكان دون أن يتوصل أصحاب الشأن لحل جذري.