اليوم- السعودية نتفاعل مع حكايا العشاق التي يمتزج فيها الألم بالرضا، فتأسر قلوبنا بقيود آلامهم، أو تسرها برسم الابتسامة على وقع سعادتهم. تلك الحكايا نحتضنها بحب يحاكي الحب بين العشاق، أو نتألم لهم بما يحاكي أوجاعهم التي يتذوقونها بمرارة طعم الفراق، أو بقسوة لوم اللوام وسخط الرقباء والعقاب الذي قد ينزل بهم. ومن طرائف تلك الحكايات حكاية عاشقين حكت فيها القصيدة الشعبية جانباً منها يظهر فيه الشاعر أسباب تعلق العاشق بمعشوقته خطر غصن القنا وارد على الما نزل وادي بنا ومر جنبي وباجفانه رنا نحوي وصوب سهامه واعتنى وصاب قلبي أنا يا أبوي أنا القصيدة للشاعر اليمني مطهر علي الأرياني، وهو كاتب ومؤرخ مهتم بالتراث اليمني، وشاعر شق طريقه الشعري بالفصحى غير أنه لم يمتنع عن الكتابة باللهجة الدارجة، وله ديوان في ذلك. تفاعل الشاعر مع تلك الحكاية التي لم تكن بعيدة عنه زمنياً، فراح يعبر فيها عن حال ذلك المحب وكأنه يفسر أسباب وقوعه في حب الفتاة التي نالها ما ناله من عقاب على تلك المشاعر، فبعد أن انكشف سرهما بين القوم ووصل ذكرهما إلى الحاكم أمر بعقابهما عقاباً غريباً؛ للتشهير بهما، فالحب سوءة ثنائية يعاقب عليها المجتمع، وكان العقاب بربط طبل على ظهر كل واحد منهما ليطوف بهما الجند بعد ذلك بين القرى وهم يقرعون الطبلين!! ويبدو أن الشاعر قد ساءه ذلك الأمر فراح يبرر عشق العاشق، فالأمر خارج عن إرادته وسيطرته؛ لأن جمال محبوبته التي صوبت نحوه سهامها فأصابت قلبه بعد أن خلبت لبه حين مرت بقربه كغصن قنا يفوق قدرته على المقاومة. والقنا نبات رفيع الأغصان، كثيف الأوراق ويعتبر من النباتات الزهرية. إنه الحسن وسحر نظرة العين فلا شيء جديد وهذه كافية ليقول : أخذ قلبي وراح وشق صدري بالاعيان الصحاح يا طول همي .. وياطول النواح من حب من حل هجري واستباح قتلي وظلمي الفكرة ذاتها تتكرر، حكاية عاشق وقع في شباك نظرة عين ولم يكن حبه شفيعاً يمنع عنه الهجر والصد ولو على سبيل الدلال أو الخوف فقد كان هذا حاله ومحبوبته، وكأن الشاعر يريد أن ينفي الوصل بينهما ليشعرنا بالظلم الذي وقع على عاشقين تقاسما البعد أكثر من اللقاء، ويعود ليؤكد ذلك بقوله: لمه تقسى لمه وتهجر ابصر حبيبك وارحمه هايم بحبك .. جمالك تيمه وطول صدك وبعدك سمسمه ما اشد قلبك ! أيعاقب العشاق على الفراق والصد؟!! أيشهر بهما على حب لم يحضنه لقاء؟! أيعاقب المحب على إحساسه بالجمال؟! هذا ما كان يحدث وما زال يحدث في حكايا تتشابه في الظروف على مر الزمن العربي، الذي لم يكتب في الحب كما كتب بلغته كثرة وتنوعاً بين الفرح والحزن واللقاء والصد حين تبدأ الحكاية بنظرة عين يتلقفها القلب على متن حاجة طبيعية للحب الذي يظل مرفوضاً، ويظل محاصراً بين رمش وشريان يعاقب المجتمع على رفة الأول ونبضة الثاني. تويتر@amalaltoaimi