الجزيرة.com -السعودية التحريض أحد الوسائل الفتاكة يتم إشعاله من خلال إثارة الناس فيجعلهم يتصرفون بشكل لا عقلاني. مبدأ التحريض هو بث الفكرة لكن غايته ومنتهاه ومقصده هو خلق التصميم عليها باقترافها، فالمحرض يخاطب فكر الجاني وعقله، والتحريض يسبق التآمر، فالتآمر عمليه سرية نتيجة التحريض. التحريض يقتضي دوما ركن العلانية ويكون موجهاً إلى مجموعة من الناس أو إلى طائفة بغير تحديد للشخوص بأعينهم. فيحرص المحرض الزعيم على شحن أتباعه بالأفكار التى ظاهرها يتناول المصلحة الوطنيه وباطنها يهدف إلى الرغبة الجامحة من النيل من الآخر.. خطاب التحريض يمكن أن يكون من خلال الفضائيات أو الصحافة أو المساجد أو بث الإشاعات في المجتمع عبر تسويقها بين الناس أو تغريدها من خلال فضاء الإنترنت أو من خلال الخطاب الديني.. الدين من الوسائط التى يفرح لها زعماء التحريض، تمنحهم الوسيلة للتلاعب بمشاعر أتباعهم للسيطرة عليهم وتسييرهم لتحقيق أجنداتهم.. أكثر الناس استجابة لدعوى التحريض تلاميذ مدرسة التلقين؛ التلقين أحد وسائل التعليم التي لا تترك للتلميذ مجالاً للفهم والإدراك والتساؤل. فهو لا يسمح بتبادل العلاقات بين الطرفين، بل يجعل دور المعلم يقتصر على الإلقاء الذي يسمح لخطابه بالسيطرة والهيمنة على فكر التلاميذ، ويعلي موقع المعلم ويمنع مشاركته في موقعه أو مناقشته. طرائق التعليم الديني السائدة في المجتمعات الإسلامية تلقينية إجمالاً، تذهب في اتجاه واحد من شيخ الدين بدرجة (شبه عالم) الذي يعرف كل شيء، ويقوم بالدور النشيط إلى طالب العلم الذي يجهل كل شيء، ويفرض عليه دور التلقي الفاتر دون أن يشارك أو يناقش أو يمارس أو يعمل فكره فيما يتلقن، فيتربى الطالب على أسلوب التلقين فيصاب بهشاشة الإدراك وسرعة الاستجابة للإيحاءات قد تصل إلى درجة الانقياد الأعمي. الخلاصة السناني، والفراج، والعبسي: في السجن بتهمة الإرهاب، حاورهم الإعلامي داوود الشريان تلفزيونياً على برنامج الثامنة.. أتاح لنا الحوار مشاهدة نموذجيين: أحدهما يمثل كوادر التنفيذ؛ الفراج والعبسي، وقعا فريسة لشيوخ التكفير فاستجابوا لخطابهم التحريضي وشاركوا في التآمر لارتكاب جريمة الإرهاب، وقد تبين خلال الحوار ندمهما وتراجعهما عن الفكر التكفيرى بعد خضوعهما لبرنامج المناصحه؛ برنامج أمنى حقق نجاحات باهرة يهدف إلى إصلاح الفكر الإرهابي داخل السجن. الفضاء خارج السجن يعج بفتاوى شيوخ التكفير، الخطر يكمن عندما يكون الإرهابي الموقوف قد وصل إلى درجة الانقياد الأعمى، عندها يتزايد احتمال الانتكاس عند البعض بعد خروجه من السجن. كما أتاح لنا حوار الثامنة مشاهدة النموذج الآخر؛ شيوخ التكفير أو بتعبير أصح شيوخ التحريض؛ وليد السناني، فانكشفت لنا شخصيته؛ فظهرت متناقضة، ورؤيته بلا عمق لا تتجاوز القشور، شديد التطرف لو رأى نفسه في المرآه لكفرها، ربما ذلك السبب الذي جعله لا يرغب رؤية ابنه الموقوف معه في نفس السجن؛ يتباهى بحرمان أولاده وبناته من التعليم في المدارس ومشاهدة التلفزيون في المنزل، وفي نفس الوقت يعترف بمشاهدة التلفزيون في سجنه الانفرادي الاختياري ولديه قنوات مفضله؛ يفضل أفغانستان الممزقة على الدولة السعودية مهبط الحرمين الشريفين، وقد سبق له الذهاب إلى أفغانستان وسنحت له فرصة الاستقرار فيها ولكنه عاد إلى السعوديه؛ يسارع إلى تكفير الآخر مع محاولات مبتذلة لتعزيز أفكاره التكفيرية بمعاني قرآنية؛ كلامه يكشف عن ذهنية تحتوى على (كتالوج) من الصور المنبوذة؛ صور الغلو والكراهية والإقصاء والتصنيف والانتقاء.. مصدر خطورة السناني ليست شخصيته؛ فهي متناقضة ومقززة ومنفصلة عن الواقع وتفتقر إلى الجاذبية وخالية من دواعي الإعجاب؛ تكمن شدة خطورته أنه ينتمي إلى دائرة صناعة الأفكار والنوايا لا دائرة الأفعال والنتائج؛ وهي صناعة لازمة في مجال التحريض. [email protected] Twitter@khalialhe