عكاظ -السعودية أنتمي كما يصنفني كثر من الزملاء إلى المدرسة الواقعية في الإعلام، وأتمني أن أكون كذلك في الحياة. ولا يؤخذ هذا الاستشهاد على أنه قطعي لا حوار ولا خلاف حوله، ففي زمن المد الإعلامي عليك أن تحفظ لنفسك وشخصيتك حقها، وإن كبرت كرة الثلج عليك بقراءة "لا تحزن" للشيخ عائض القرني. أعود للعنوان ولي فيه مع الأسطر الماضية رأي أهدف من ورائه إلى ضرورة التكريس للمدرسة الواقعية في الإعلام! الهلال يلتقي النصر غدا في مباراة ثمنها ثلاث نقاط، وربما يكون نقطة لكل فريق في حالة التعادل! لا أستكثر على هذا الديربي هذا الاهتمام من قبل جماهير الناديين، لكنني أستكثر عليه هذا الضخ الإعلامي، لدرجة أن ثمة من سألني بسخرية: هل الرياض ستستضيف نهائي كأس العالم الاثنين، فقلت: لقد قلت ما يجب أن يقال في ظل هذا الصراخ الذي ملأ وسائل الإعلام، بما فيها إعلام الأحبة في الخليج، والذين سوقوا لأنفسهم على أنهم هلاليون ونصراويون أكثر من الروقي والدغيثر، ولا تثريب في ذلك إذا سلمنا أن الدوري السعودي له جماهير في كل دول الخليج. أؤمن، مثل كثر من أساتذتي في الإعلام، بأن الإثارة لعبة لا يجيدها إلا المتمرسون، ولكن أتحدث عن الإثارة المحتشمة، وليست تلك التي تقودنا إلى الدخول في جانب شخصي كلنا متضررون منه! أسأل على طريقة الزميل الغائب الحاضر صالح علي الحمادي بهدوء وعقلانية: هل ما نشر وكتب وبث وقيل عن ديربي العاصمة منطقي من الناحية المهنية، وهل ما حدث على هامشه من تصريحات وآراء منطقية قياسا بمباراة ثمنها ثلاث نقاط أو نقطة لكل فريق وهذا الأقرب! كأس العالم في الرياض إسقاط جميل رمى به أحد الأحبة بهدف إشعارنا بأن كرة القدم جميلة متى ما تركناها للأقدام داخل الملعب، ولكن يبان قبحها حينما نتعاطى معها بحجم ما هو حاصل اليوم على هامش ديربي الغد، والذي سينتهي بالتعادل كما يقول لي صديقي المتفائل دائما عبدالرحمن خير، وأمانيه في هذا الجانب تسبق توقعاته، وربما كثر يشاركه هذه الرغبة. لست مع من يقول إن الإعلام لوحده سبب مباشر في ما يحدث لهذا الديربي، ففي الناديين وحولهما من يقدم نفسه على أنه واحد من عرابي هذه المواجهات، والهدف أيها الديربي ضوؤك وليس أهميتك! لا ألغي أهمية الصدارة التي سيحققها الفائز في أعقاب هذه المباراة، لكنها صدارة لا تجلب بطولة ولا تصنع بطلا بقدر ما تعيدنا في الحالتين إلى عبارات تويتر وأهله "متصدر لا تكلمني" أو "مهزوم كلمني"! نعرف كلنا بمختلف تعاملنا مع الرياضة وحبنا لها أن بيننا جيلا رياضيا منفتحا على كرة القدم العالمية ومتشربا لهذه الثقافة التي أسس لها عشاق ميسي وكريستيانو وريال مدريد والبرسا، وليسوا بحاجة إلى من يؤثر عليهم بطرح عاطفي يقود في النهاية إلى شجار إعلامي ينتهي ب"كل يصلح سيارته" على رأي القاعدة المرورية الشهيرة. كأس العالم في الرياض سخرية هادفة لها وجه واحد نأمل أن نتأملها دون المساس بثوابت تنافس التاريخ فيه للهلال والجغرافيا للاثنين. ربما المدرب الوطني سامي الجابر يعيش التجربة لأول مرة في هذا الديربي، بعد أن كان أحد ثوابته كلاعب. مهمة اللاعب سامي كانت ربما أسهل من المدرب سامي، وفي الحالتين غدا لن يكون كأس العالم في الرياض، بل هي مباراة بين الهلال والنصر. فهل كنت في هذا الطرح واقعي، أم أن ثمة من يرى عكس ذلك.