السياسة -الكويت أتعجب شخصياً من ذلك النوع من النقد الحاد والشخصاني والمبالغ فيه تجاه ما يطلق عليه البعض الفساد الحكومي. فلا ينكر أحد أن ثمة فساداً يحدث هنا وهناك ولكن تملك الحكومة العديد من القنوات والوسائل الرسمية لمكافحته بدءاً من ديوان المحاسبة ولجنة مكافحة الفساد وانتهاء بغيرهما من أجهزة الرقابة والتفتيش. ولكن ماذا عن فساد المعارضة? فهل يعقل أن ما يطلق عليه البعض المعارضة بريئة وملائكية السلوكيات والتصرفات? أم هل الفساد فقط في الأجهزة الحكومية -وفق زعم البعض- بينما المعارضة خالية من ذلك. ما أعرفه شخصياً ويعرفه كثير من الناس ان من يختارون أن يطلقوا على أنفسهم معارضة البعض منهم ربما يمارس أيضاً الفساد كالمحسوبية وتشويه الحقائق والوقائع. فتشويه الوقائع على سبيل المثال وبهدف إضعاف الحكومة هو بشكل أو بآخر فساد. فلا يوجد على وجه الأرض معارضة ملائكية, فإذا كان ثمة فساد في أي بيئة إنسانية فمن المفترض أن تتم مواجهته وفضحه على كل الأصعدة, وليس حصره في نطاق انداد المعارضة (الحكومة ومؤيديها). إضافة إلى ذلك, لا توجد معارضة خالية من الفساد, مثل التنفيع الشخصاني والمحاباة القبلية والعرقية والطبقية, فهل تملك المعارضة أجهزة معينة تكافح فسادها? أم هل كونها معارضة يخليها من مسؤولية المحاسبة الذاتية? فلم نسمع حتى اليوم اعترافا صريحاً من بعض جهابذة المعارضة أنهم كشفوا أو عالجوا مظهراً من مظاهر الفساد في حيزهم, اللهم بعض أنات كبيرهم الذي يقرص بين الحين والآخر أذان مؤيديه إذا خف تطبيلهم له أو تجاهلوه لبعض الوقت. شخصياً, لا أعتقد أن الحكومة ملائكية وهي لاتدعي ذلك, ولكنها تملك آليات وأجهزة رقابية تنتقد برنامج العمل الحكومي وتقترح حلولاً لعلاج بعض القصور الحكومي هنا وهناك. ولكن من سيحاسب معارضة تعتقد أنها ملائكية وتصف الآخر فاسداً او موالياً للحكومة وكأن اي رأي مخالف لرأي المعارضة يخرج الفرد السوي من ملة العمل السياسي المشروع. هناك أشخاص أسوياء ومواطنون صالحون يعارضون الحكومة ويعارضون المعارضة على حد سواء, ويأخذون موقفاً وسطاً بين هذا وذاك. فكيف نصنف هذا "التيار الثالث" المعارض للمعارضة والمعترض على بعض أساليبها التهيجية والتأزيمية? أعتقد أن ثمة حاجة لتكريس تيار فكري وسياسي ثالث يختلف عن المعارضة الحالية ليتمكن من كشف ضعف أو تراخي كل الأطراف عن المساهمة في تطوير البلد. فلعل وعسى. كاتب كويتي [email protected]