بعد دراسة لمدة ست سنوات بمجلس الشورى اقر المجلس نظام ممارسة أعمال المكاتب العقارية الذي من المتوقع بعد دراسته من هيئة الخبراء أن يصدر به قرار من مجلس الوزراء لاعتماد تنفيذه، وكنت أتمنى أن ينظر أعضاء المجلس لوضع المكاتب العقارية بنظرة أكثر شمولية تتناسب مع أهمية الأعمال التي تمارسها تلك المكاتب منذ سنوات طويلة بفكر فردي وبحيث لاتقتصر الدراسة فقط على التطوير والإضافة للائحة تنظيم المكاتب العقارية الصادرة عام 1398ه وإصدارها كنظام، بل لوضع تنظيم يرتقي بالمهنة بما يساوي أهمية حجم وقيمة القطاع الذي تتعامل معه، وبحيث تمارس بفكر مؤسسي لايكون للمصلحة الشخصية لمالك المكتب والعاملين فيه أي تأثير على اعمال المكتب والمتعاملين معه. إن الوضع الفوضوي الممارس من بعض المكاتب العقارية يستوجب ليس فقط أن نضع شروطا ومواد تنظيريه للحد من الممارسات السلبية وإنما يجب أن نضع تنظيما يضمن عدم حدوث تلك الممارسات ويلغي الإدارة الفردية للمكتب والنشاط العقاري الذي يتعامل مع أملاك عقارية لمواطنين أحياء وأمواتا وأوقافا وورثة وعقارات لايعرف أصحابها، ومع مواطنين وشركات وجهات حكومية وخاصة كمستأجرين للسكن او للعمل او للأنشطة التجارية والتي تمثل التعاملات التجارية للمكاتب مبالغ كبيرة ومؤثره، أي تتعامل بنشاط اقتصادي رئيس له اثر مباشر على أسعار العقار وتداولاته واستثماره، وباعتبار المكتب العقاري الجهة التي تتم عبرها الصفقات العقارية الضخمة وتدير جميع العقارات وتتحمل المكاتب جزءا من المسؤولية في تضخيم أسعار العقار وأزمة السكن وتجاوزات الملاك ومبالغاتهم وتلاعب المستأجرين بسبب تخلي العاملين بالمكاتب عن مسؤولية متابعة التحصيل وهو ماتسبب في ارتفاع الإيجارات وانخفاض نشاط التأجير السكني للمواطنين. إن الحاجة تتطلب أن نرتقي بواقع التعاملات العقارية الحالي وان ننظر بأننا لانحتاج فقط لمكاتب عقارية تسوق أراضي ووحدات سكنية وتجارية وتؤجرها للغير وينحصر دورها كوسيط لجمع البائع والمشتري والمستأجر وإتمام العقد لتحصيل العمولة، فنحن بحاجة إلى أن يكون لدينا تنظيم شامل لإدارة الأملاك ومتابعتها وان تكون كشركة مساهمة كبرى لها مكاتب في الأحياء ترتبط بنظام آلي موحد تعرض به جميع العقارات ليكون الجميع على علم بحجم وقيمة العقارات المعروضة وبحيث تكون الشركات المرخصة هي الجهات الوحيدة التي يتم عن طريقها التسويق للعقارات، وهذا التنظيم سيقضي على حالات العرض الوهمية للحصول على السوم وسيكشف حجم العقارات المعروضة وقيمتها وسيجبر الملاك على التحديد الدقيق لأسعار البيع والتأجير وسيقضي على القرارات الفردية في رفع أسعار التأجير المفاجئة والمستغلة للمستأجرين للسكن او النشاط التجاري وسيضمن أن كل مايعرض للإيجار للوحدات السكنية يكون في مستوى معقول من الجودة والصيانة والاصلاح الفوري من قبل الشركة، وأيضا سيجبر المستأجر على الالتزام بالسداد للشركة - وليس للمالك - من خلال تفعيل الاستفادة من الرقم المدني للمواطن والمقيم ووسائل الإلزام المطبقة وكذلك المحافظة على حسن استخدام العقار من المستأجر من خلال قيمة التامين، أي أن الشركة ستكون الجهة التي تفصل بين المالك والمشتري او المستأجر ووفق عقود واضحة تحفظ حق المالك والمستأجر وتكون هناك مرجعية بإدارة الشركة ووزارة التجارة والصناعة وكما هو مطبق في الدول المتقدمة مثل أمريكا وأوروبا وبحيث يسلم المالك عقاره الذي يرغب في بيعه او تأجيره لشركة إدارة أملاك محدد به قيمة البيع او التأجير ولايسمح للمالك بالعدول عن السعر المطلوب منه او رفع قيمة الإيجار إلا بعد مدد محدده في النظام تعتمد على قيمة المبنى ومعدلات التضخم ولعل هيئة الخبراء ووزارة التجارة والصناعة يكون لهما رأي في تطوير عمل الوساطة العقارية.