سأرتاح في مقالي هذا الأسبوع من السياسة وبلاويها، ربما هذا الأسبوع فقط ولا أعد بغيره، هذا لو خلا مقال اليوم أيضاً من السياسة «المضمرة»! سأتحدث عن «الويكند» السعودي الجديد، الذي تقرر الشهر قبل الماضي، لكن أعراضه ظهرت هذا الأسبوع، مع عودة المدارس وعودة الناس إلى أعمالهم بعد إجازة الصيف. كانت السعودية طوال سنواتها الماضية تنال عطلتها الأسبوعية يومي الخميس والجمعة، فيما عند المجمل العالمي تأتي يومي السبت والأحد، عدا دول عربية وإسلامية قليلة توصلت إلى حل وسط يرضي المطلب المحلي والاحتياج العالمي يجعلها يومي الجمعة والسبت، وهو الخيار الوسطي الذي انضمت إليه السعودية مؤخراًَ. ظل الموفدون السعوديون للعمل في الخارج، طوال سنين ما قبل قرار الويكند الجديد، يعملون 7 أيام في الأسبوع. فهم يذهبون إلى الدوام في أيام العطلة الأسبوعية السعودية (الخميس والجمعة) بحكم نظام البلد الذي يعملون فيه، ثم يأتيهم الدوام إلى بيوتهم في أيام العطلة الأسبوعية الخارجية (السبت والأحد)، بحكم أن هذين اليومين اللذين هما أيام الراحة والارتخاء في الخارج هما في السعودية بداية الأسبوع، أي ذروة الانتعاش والنشاط بعد راحة يومي الخميس والجمعة. في البداية كانت التجربة بالنسبة لي صعبة، أن يبقى ( قلبك معلقاًَ بالدوام 7 أيام!)، لكنني تأقلمت معها بعد حين. حتى أصبحت أتساءل بقلقيومي السبت والأحد، إذا لم تردني اتصالات وفاكسات وايميلات كافية، هل مات أحد؟! «معليش نزعجك في عطلتكم الأسبوعية»، كانت هذه هي اللازمة التي يبدأ بها المتصل عليّ من هناك في يوم السبت أو الأحد لتبرير اتصاله الوظيفي. خطرت لي فكرة لا تخلو من الخبث، لاستخدامها مع الذين أكثروا وأدمنوا تلك اللازمة التبريرية كل أسبوع، إذ بدأت أتعمد الاتصال بهم ومتابعة الموضوعات والمعاملات معهم يومي الخميس والجمعة، فأتصل من المكتب صباح الخميس على هاتفة المحمول وأقول له في مطلع مكالمتي: «معليش نزعجك في عطلتكم الأسبوعية!». ثم أبدأ معه بشرح الموضوع بتفصيل مريح، وأختتم مكالمتي بأن أطلب منه الإيميل الشخصي أو الفاكس المنزلي حتى أرسل له الخطاب المقصود، على وعد بأن أتصل به غداًَ (الجمعة) من مكتبي على جواله كي يفيدني برأيه حيال ما أرسلته له يوم الخميس! كانت هذه الطريقة «اللئيمة» هي الأسلوب الأنفع مع البعض في معالجة نسيان عطلة نهاية أسبوع الآخرين. مع الويكيند الجديد ستصبح الأمور أكثر عدالة وأقل توتراًَ، فاللؤم المتبادل سيكون في يوم واحد فقط ، فالذي يُشغلني يوم الأحد أُشغله يوم الجمعة! أما يوم السبت «العدو السعودي سابقاً» فقد أصبح الآن يوم راحة لزملائي هناك، وبالتالي أصبح يوم راحة «حقيقية» لي ولزملائي هنا. معاناة العمل 7 أيام في الأسبوع لا تخصني وحدي، بل جميع الموفدين في الخارج. الآن تحسنت الأحوال وأصبحنا نعمل 6 أيام في الأسبوع فقط. وما لا يُدرك كله لا يُترك جلّه. إذاً فتغيير الإجازة الأسبوعية ليس له بعد اقتصادي فقط ، بل وبُعد أخلاقي/ حقوقي.