القضايا المالية في المجتمع السعودي تزداد تعقيداً، خاصة مع موجة غلاء الأسعار والسلع، وجشع التجار واستغلال المواسم في الحصول على أكبر ربح من جيب المواطن المسكين، القضايا المالية ليست نظرة اقتصادية عابرة، بل إنها إذا تفاقمت فقد يزداد المجتمع تشنجاً واحتقاناً، وإذا لم تكن هناك بدائل وحلول فهذا ما يجعل المجتمع في حالة اجتماعية ونفسية يرثى لها. هل بالفعل السجن هو الحل الأمثل؟ إن في سجن ولي أمر وابعاده عن أولاده مشكلة اجتماعية وانسانية كبرى، كما أنه وهو مسجون لن يستطيع أن يوفي ديونه وملاحقات الناس الذين يطالبونه، وهو أيضاً يكلف الدولة مبالغ مالية ليست باليسيرة جراء إقامته في السجن! مر علينا أسبوعان من هذا الشهر المبارك، وهناك العديد من أبناء الوطن وأولياء الأمور في السجون بسبب ملاحقات مالية وحقوق مدنية، هذه الحقوق كانت بسبب محاولات منهم للحصول على تسهيلات لحل الأزمات المالية التي يمرون بها، ولكنها الكبوة التي سقطوا فيها، يظل ولي الأمر في حيرة من أمره أمام متطلبات الأسرة، والأولاد، ومصاريف المدارس، وفواتير الهواتف، مع وجوده في مسكن لا يملكه، وكلما غفا من دفع قسط ايجار صحا على دفع قسط جديد، وهكذا الأيام تتسارع، والحاجات تزداد، فيضطر بعضهم للاقتراض من البنوك مادياً أو التورط في بطاقات الفيزا، أو شراء سيارة بالتقسيط وبيعها للحصول على سيولة مالية، وبعضهم يتسلف فيوقع شيكات أو يرهن ملكاً له، وكل ذلك لأن تكاليف الحياة صارت في ازدياد، والمرتبات ليست بذات جدوى مقابل جشع الحياة المادية المعاصرة،، والنتيجة هي الوقوف عجزاً عن تسديد الديون فيكون السجن هو الرادع لدفع ما عليه من حقوق مدنية. ولكن هل بالفعل السجن هو الحل الأمثل؟ إن في سجن ولي أمر وابعاده عن أولاده مشكلة اجتماعية وانسانية كبرى، كما أنه وهو مسجون لن يستطيع أن يوفي ديونه وملاحقات الناس الذين يطالبونه، وهو أيضاً يكلف الدولة مبالغ مالية ليست باليسيرة جراء إقامته في السجن! ليس القصد من هذا التقليل من حقوق الناس، وحقوق المطالبين، فهذا حق لابد أن يرجع لأصحابه، وليس القصد أن نقلل من ثبوت جرائم مالية في حق بعض المتلاعبين، ولكننا نقصد من ألزمتهم الديون قسراً، ولكن هل عجزت مؤسساتنا ووزاراتنا أن توجد خطة استراتيجية ضد ما يمر به المواطن من اعسار، وضد الظروف التي تجعله ينقلب في هوة الفقر والتشتت؟ إن وضعنا ونحن مجتمع اسلامي يحتم علينا أن لانتهاون في النظر في هذه المعضلة الاجتماعية المؤلمة، وذلك من خلال عدة اعتبارات، يكون من أهمها عقد ملتقى اجتماعي يحضره كبار المسؤولين في الدولة، وصناع القرار، ورؤوس الأموال والمهتمون بقضايا الشأن الاجتماعي، وذلك لمناقشة التالي: # وضع خطة وطنية ملزمة للحد من أهوال ارتفاع السلع والمواد الضرورية. # وضع خطة وطنية ملزمة للحد من التكاليف الاجتماعية المرهقة كالمهور وحفلات الزواج الباهظة. # وضع خطة وطنية للتسريع ببناء وحدات سكنية، وتسهيل قروض للمواطنين بدون فوائد. # فك احتكار البنوك في مسألة اقراض المواطنين، واحلال مؤسسات غير ربحية بديلة تكون منافسة. # اعادة النظر في صرف حافز على مدى الحياة لجميع فتيات وأمهات الوطن، وذلك للتخفيف من الأعباء على كاهل الرجل. إن المسألة الاجتماعية قد تتدهور، وضعف المال وقلة ذات اليد تؤدي للفقر والفساد والبطالة، واذا لم يوجد لها حل وطني، وشراكة اجتماعية فاعلة من كل المواطنين، والمسؤولين فماذا سيكون؟