صدرت دراسة مطلع مارس العام الجاري من مركز ""بيو"" للأبحاث عن أن تويتر ""لا يمثل"" بالضرورة الرأي العام الأمريكي! وأنه في مقارنة بين استطلاعات وطنية يشارك فيها الشعب الأمريكي وقراءة مضمون ""تويتر"" حول بعض القضايا تبين أن مستخدمي ""تويتر"" الأمريكان كانوا في بعض القضايا أكثر تحررا من الرأي العام الأمريكي وفي قضايا أخرى كانوا أكثر تحفظا! فمثلا في زواج مثليي الجنس بكاليفورنيا كان الرأي المتداول في ""تويتر"" أكثر ليبرالية وتحررا منه في الرأي العام الأمريكي. خلصت الدراسة لنتيجة مهمة أن تويتر ""لا يمثل"" بالضرورة الرأي العام الأمريكي. وترجع الدراسة الأسباب إلى أن أغلب المستخدمين هم من صغار السن والمراهقين في حين أن الاستطلاعات الوطنية الأمريكية كانت موجهة للراشدين من عمر الثامنة عشرة فما فوق. "" تويتر"" قد لا يمثل بالضرورة الرأي العام الأمريكي ما دام صغار السن في أمريكا لا يشكلون أغلبية. الوصول لهكذا نتيجة بني على استطلاع وطني للشعب حول قضايا معينة ومن ثم مقارنتها بما يتم تداوله في ""تويتر"" وجس النبض يجعل الوصول لحقيقة ""تويتر"" وصولا ""علميا"" ليس مبنيا فقط على الرأي والتوجس الشخصي ومن ثم قد يتخذ قرار بناء على الرأي فقط! ولو أخذت ما وصلت إليه الدراسة باتجاه شخصي لوجدت أن الفجوة بين عالم الواقع والافتراض حقيقة موجودة بشكل كبير، فالذين لديهم أصدقاء افتراضيون ثم يلتقونهم بالواقع سيلمسون ذلك حتما وقد يفاجأون بالفجوة بين الشخصية الحقيقية وبين سلوكها في عالم الافتراض. قلة قليلة فقط من تكون حقيقتهم تشبه فعلا عالمهم الافتراضي، وكأن عالم الافتراض قناة إعلامية للفرد يمارس من خلالها تسليط الضوء على ما يريد بغض النظر إن كان يمثله حقيقة أم لا. في القاهرة وفي السابع من أيار (مايو) الجاري أقيم بمسرح عرض موسيقي كان بعنوان ""أم كلثوم ديجيتال أم كلثوم لا تنتهي"" يقوم العرض الموسيقي باستدعاء أغاني أم كلثوم واللعب عليها أو ""كهربتها"" بمزجها بموسيقى صوفية وإلكترونية معاصرة تقوم على الارتجال في كثير من الأحيان لم أحضر العرض لكني قرأت ما كتب عنه ويهمني أن أنقل ما كتبه محمد سعد في جريدة ""الأهرام"" الذي قال فيه إن العرض النهائي كان نتاجا لبروفات حية شهد ارتجالا على المسرح، فبالنسبة لشخص لم يستمع لأم كلثوم لن تبدو له الأمور هل أفسد العرض أغاني أم كلثوم وشوهها أم أنه أسهم في إعادة إنتاج أسطورتها من جديد؟ من هنا يمكن فهم لماذا عد بعض محبي أم كلثوم تلك الكهربة أو المزج الرقمي مع موسيقى معاصرة تشويها لأعمال كوكب الشرق، بينما مال من لا يعرفون عنها الكثير لسماع تلك الأجزاء التي يعلو فيها إيقاع الموسيقى المعاصرة فوق ألحان أم كلثوم. عنوان العرض ""أم كلثوم ديجيتال"" لا يعني فقط استخدام التقنية الرقمية بل يعني أيضا التفكير الرقمي كفلسفة ورؤية للعمل الفني فيه مزج وصهر لأنواع مختلفة من الموسيقى يحصل فيها أقرب ما يمكن تسميته التهجين. لا أدري كيف مثّل العرض عنوانه بأن أم كلثوم تعود ديجيتال بمحاول فنية لتخليدها كل ما يعنيني - بالرغم من جنون الفكرة أن جمهور أم كلثوم الحقيقيين الذين سمعوا لها ألحانها وطربوا لها لم ترقهم الفكرة بل ربما كدر عليهم أن ترتفع ألحان أخرى صاخبة على لحنها الأصيل. أما جمهورها الجديد فتقبّل لأنه ""أصلا"" لم يكن لديه خلفية مما جعل العرض ""الافتراضي"" مرجعا للسامع الجديد أسهم في تقريبه من صوت كوكب الشرق الذي كان لا يطربه لسبب ما.