في حلقة الأمس من برنامج لقاء الجمعة استضفت معالي وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي للحديث حول أزمة السكن في السعودية ، ولعل أبرز ما خرجت به من الحلقة أن الدولة مصممة على إعادة صياغة الفلسفة العقارية في البلد ، فبعد أن كانت «الأرض البيضاء» هي أفضل وعاء استثماري مجدٍ وآمن ولا يستنزف من المالك أي جهد وكما يعبر عنها شيباننا : ( الأرض لا تاكل ولا تشرب ) ، ستكون أولوية الدولة من خلال وزارة الإسكان تغيير هذه الثقافة اللاإنتاجية ، وجعل الأرض ثقلا على صاحبها إذا لم يسع إلى الاستثمار عن طريق البناء والتعمير . أسعار الأراضي الفلكية جعلت كل الحلول الأخرى غير مجدية إذا لم تنخفض أسعار الأراضي ، فمن المضحك المبكي أن يتندر الناس بسعر المتر في حي قرطبة بالرياض الذي يفوق نظيره في قرطبة الأسبانية ، والوزير أكد في اللقاء على أن الدولة ماضية في خفض أسعار الأراضي عن طريق حزمة من التشريعات تأتي الرسوم المالية على الأراضي البيضاء في مقدمتها ، وذهب الوزير إلى أبعد من ذلك حين أكد أن توجه نزع الملكيات بما يتفق مع المصلحة العامة هو من بنود الاستراتيجية العامة للإسكان التي سنخدم بها سوق الإسكان . قضية الإسكان في السعودية هي قضية حساسة ومصيرية وتطال كل أسرة ، ولها أبعادها السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية ، والوقوف بحزم ضد كل من يعرقل تملك السعودي لمنزله هي مهمة وطنية شريفة علينا دعمها جميعاً بالتخصص الذي نتقنه . نحن نعيش في لحظة تاريخية يقف من أصابته التخمة من ملايين الكيلومترات أمام شباب السعودية الذين يحلمون بمنزل صغير يشعرهم بالأمان ، فإما أن يسهل لهم أحلامهم ويقف معهم موقف الشرفاء ، أو يرحل لهاوية الأنانية والجحود . كنت أعد لهذه الحلقة بألم ومرارة وأنا أشاهد ملايين الأمتار المحتكرة في بلدي والمحرومون يمرون عليها كل يوم ، فعلينا أن نفكر بالملايين قبل أن نفكر بأصحاب الملايين . وعلى كبار المحسنين أن يحرفوا بوصلة تبرعاتهم للإسكانات الخيرية التي تنقذ الأسرة المعدمة من ركوب أمواج الإيجار العاتية ورحلة التشرد التي لا تناسب شيبة العجوز ولا وقور المسن . العالم الرباني يظهر أثره في أيام الأزمات ، وهانحن نكتوي بأزمة الإسكان المعقدة ، فالبحث عن صالح الناس من صلب الدين ، والبعد عن ما يضرهم من ضرورات الشريعة ، والناس تنتظر موقفاً أكبر من علمائهم . وهذه القضية من القضايا الشداد التي تحتاج للرجال الأقوياء ، ومن أجل هذا فالأعين تتجه لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وفقه الله للوقوف بقوة مع أبنائه ضد من يصادر أحلامهم بجشع .