لا يختلف العقاريون على أن فرض رسوم وزكاة على الأراضى البيضاء سيكبح عمليات الاحتكار والتسقيع التى يلجأ إليها البعض، دون اكتراث للتداعيات السلبية التى تترتب على هذا الأمر، وعلى رأسها صعود إيجار وأسعار الوحدات السكنية إلى أرقام فلكية. وما يدعو للدهشة أن مساحة الأراضي البيضاء فى جدة فقط كما يقدرها الخبراء تصل إلى نحو 80 مليون متر مربع، ينتظر ملاكها ارتفاع أسعارها ويرفضون الإفراج عنها للبناء، ومن المتوقع عند تطبيق الرسوم انخفاض أسعارها بنسب تتراوح من 30 50 %. ويرى العقاريون أن التوسع فى البناء رأسيا يعد حلا ملائما لخفض زيادة أسعار الشقق لأن زيادة ارتفاعات المباني أقل تكلفة من التوسع الأفقي الذى يستلزم إنشاء أحياء جديدة تحتاج إلى تكاليف مرتفعة. «عكاظ» ناقشت القضية وفى السطور التالية آراء الخبراء والمتابعين: كبح المضاربات يقول عصام مصطفى خليفة عضو جمعيتي الاقتصاد السعودية والجودة: إن فرض رسوم على الأراضي البيضاء في جدة بمفردها يمكن أن يؤدي إلى كبح المضاربات الوهمية على أسعار الأراضي، لافتا في هذا الشأن إلى وجود 80 مليون م2 من الأراضي البيضاء في المدينة 50 مليونا منها وصلت إليها الخدمات ويقدر سعر المتر في المتوسط بحوالي ألف ريال، و30 مليون متر لم تصلها الخدمات بعد ويبلغ متوسط سعرها 500 ريال للمتر. وقدر خليفة قيمة هذه المساحة الكبيرة من الأراضي بحوالى 65 مليار ريال، بما يعني دفع رسوم سنوية عليها تبلغ 1,6 مليار إذا فرضت عليها زكاة عروض التجارة بمعدل 2,5 في المائة، مشيرا إلى أن هذا المبلغ من شأنه أن يدفع محتكري الأراضي إلى سرعة التخلص منها وبالتالي يزداد المعروض من الأراضي البيضاء لحل أزمة السكن. ودعا خليفة إلى ضرورة تبني الوزارات والمؤسسات العامة توفير مساكن لمنسوبيها بضمان دخلهم الشهري وذلك على غرار شركتي أرامكو وسابك، متوقعا أن تسهم هذه الإجراءات في تخفيض أسعار الأراضي البيضاء بنسبة 30 50 %. ويرى ضرورة إعادة النظر في برامج التمويل عبر البنوك وشركات التقسيط حتى تستفيد منها الطبقات متوسطة الدخل، ودعا وزارة الإسكان إلى المسارعة بتبني إقرار نظام الرهن العقاري الذي تعثر بعد موافقة مجلس الشورى عليه مؤخرا. تكاليف الاحتكار عابد القرني قال إن الرسوم المقترحة على الأراضي البيضاء معمول بها في بعض الدول مقابل مد الخدمات الأساسية لها، مشيرا إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى رفع الأسعار لفترة قصيرة ولكن السوق سرعان ما تعود إلى تصحيح وضعها من تلقاء نفسها. وينفي وجود أزمة أراض على الإطلاق، مؤكدا أن المملكة بها أراض قابلة للبناء كثيرة ولكن الاحتكار والرغبة في التسقيع والربح بدون بذل أي مجهود في الإعمار وراء الأزمة التى يشعر بها الجميع. وقال: يجب أن يعلم المحتكرون أن هناك تكلفة ما سيدفعونها مقابل احتكارهم الأرض ومنعها عن استفادة الآخرين، مشيرا إلى أهمية التوسع في البناء والإعمار من أجل الإسهام في حل أزمة السكن. ويستنكر المبالغات الكبيرة في الإيجارات في الآونة الأخيرة لقلة معدلات البناء وارتفاع أسعار الأراضي، مشيرا إلى أن صعود الإيجارات بصورة غير مبررة يهدد بتأثيرات سلبية على غالبية شرائح المجتمع. التوسع الرأسي ويطالب العقاري فهد السعدي بضرورة تحرك وزارة الإسكان بصورة عملية بعيدا عن الروتين لتعلن عن برنامجها الفعلي في حل أزمة الإسكان وبناء ال 500 ألف وحدة سكنية التى أمر بها خادم الحرمين الشريفين منذ مارس الماضى، مشيرا إلى أن المؤشرات العملية تشير إلى بطء الوزارة الشديد في التحرك لإنجاز هذا المشروع الضخم. ويرى أن إقرار نظام الرهن العقاري من شأنه أن يسهم في حل جزء من أزمة التمويل المرتفعة حاليا في ظل الزيادة الوهمية سواء في الإيجارات أو أسعار الأراضي، مشيرا إلى أن انتعاش القطاع العقاري يؤدي إلى زيادة ملموسة في النشاط الاقتصادي وعشرات الصناعات الأخرى. ويتفق على أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء يؤدي إلى زيادة المعروض من الأراضي للبناء، ولكنه يرى أن فرض الرسوم سيؤدي إلى جدل كبير بين مؤيد ومعارض ولهذا ينبغي أن يخضع إلى دراسة معمقة على أن يبدأ بفرض رسوم على الأراضي البيضاء المعدة للتجارة وفق ضوابط معينة يمكن الاتفاق عليها بعد الأخذ في الاعتبار طبيعة الأسر السعودية والتفكير المستقبلي للبعض في إقامة منازل للأبناء، ويدعو إلى ضرورة إعادة النظر في نظام ارتفاعات المباني المحدود حاليا، وأن يتم التوسع رأسيا لأن هذا التوجه أقل تكلفة من التوسع الأفقي الذي يستلزم إنشاء أحياء جديدة تحتاج إلى تكاليف سواء في الخدمات أو الجوانب المعيشية والأمنية، وإعادة النظر في نظم البناء التى تستلزم وجود غرف للخدم ومجلس للرجال وآخر للنساء وهو ما يرفع تكلفة البناء، مشيرا إلى أن تجربة الإسكان العام جيدة ويمكن تلافي السلبيات التى واجهت البعض فيها إذا كانت تقلص من تكاليف المسكن بصورة كبيرة.