لديوان المظالم النظر في قضايا مرفوعة ضد الأجهزة الحكومية سواء كانت وزارات أو هيئات أو مؤسسات وبأي مسمى آخر يمكن أن يوجد به جهاز حكومي أو مدني أو أمني ومنها أجهزة أمنية كالمباحث العامة وغيرها بما يتعلق بالحبس الخاطئ أو الاحتجاز التعسفي والملاحظ في هذا الاتجاه وفق التقرير الثالث للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان حرص القضاة على تسبيب الأحكام في هذه القضايا التي يظهر منها التزامهم بالمحافظة على حقوق الموقوفين والسجناء، كما أن قبول الديوان الاختصاص القضائي بالنظر في مثل هذه القضايا وعدم ردها يؤكد على أن كافة أجهزة الدولة تخضع للأنظمة وللقضاء دون استثناء بحجة أعمال السيادة والتي تسببت سابقا في عدم النظر في القضايا ضد هذه الأجهزة، وقد رصدت الجمعية صدور أحكام من محاكم إدارية تضمنت إحالات لمواثيق دولية صادقت عليها المملكة وتعنى بحماية وصيانة حقوق الإنسان ولا شك أن هذا يعد تطورا إيجابيا والجمعية تدعو كافة الجهات القضائية إلى عدم تجاهل مرجعية هذه المواثيق حيث إن انضمام المملكة ومصادقتها عليها يجعلها في حكم الأنظمة الوطنية. وتأمل الجمعية أن يتراجع ديوان المظالم عن قرار هيئة التدقيق مجتمعة رقم 87 لعام 1432ه القاضي بالعدول عن الاجتهاد الذي سبق أن أخذت به محاكم ديوان المظالم بتقرير اختصاصها كهيئة قضاء إداري بنظر الدعاوى المتعلقة بأعمال الضبط الجنائي إلغاء وتعويضا بحجة التفريق بين أعمال الضبط الجنائي وأن أعمال الضبط الجنائي ملحقة بالأعمال القضائية لاتصالها بالدعوى الجنائية اتصالا مباشرا وبالتالي لا يختص بنظرها القضاء الإداري وعليه فإن قضاء الديوان يتراجع عن اختصاصه بنظر الدعاوى المتعلقة بأعمال الضبط الجنائي ويشمل ذلك طلب إلغاء أي قرار أو إجراء متعلق بالضبط الجنائي بما في ذلك القبض أو التفتيش والتوقيف وحفظ الأوراق والاتهام وطلب التعويض عن أي من تلك الأعمال بما في ذلك التوقيف الذي ينتهي بحفظ الاتهام أو التوقيف أكثر من المدة المقررة نظاما أو استطالة مدة السجن أكثر من المدة المحكوم بها، مبررا ذلك بأن المحكمة المختصة أصلا بنظر الموضوع الأصلي هي الأقدر على البت في مثل هذه الموضوعات فهذا التوجه الجديد لقضاء ديوان المظالم يحرم الأفراد من اللجوء إلى القضاء الإداري للمطالبة بحماية حقوقهم في حال تعسف الإدارة أو تقصيرها أو مخالفتها للأنظمة ولا يقلل من ذلك القول بأنهم يستطيعون اللجوء إلى القضاء المختص بنظر الدعوى الجنائية لأنهم قد يكونون في مرحلة لم تحل قضاياهم إلى هذا القضاء أو قد يحكم بعدم الاختصاص بحجة أن الجهة المدعى عليها جهة حكومية. يسجل للديوان افتتاح محاكم استئناف في بعض مناطق المملكة تنفيذا لنظام القضاء الجديد وهذه خطوة إيجابية لكسر المركزية، إلا أن نقص عدد القضاة المؤهلين من أصحاب الخبرات يحول حتى الآن من التنفيذ الكامل لقضاء محاكم الاستئناف التي لاتزال تعمل وفق الأسلوب القديم بدراسة مذكرات الاعتراض دون عقد جلسات بحضور الخصوم أو طرفي الدعوى إن صح التعبير، وفي اعتقادي بأن تطوير العمل أمام المحاكم الإدارية بديوان المظالم وفق مشروع الملك لتطوير مرفق القضاء وديوان المظالم لا يكون إلا من خلال تفعيل نظام المحاماة الذي يقصر الترافع في ديوان المظالم على المحامين المرخصين من وزارة العدل. من أهم الاختصاصات الأساسية للديوان الطعن في القرارات الإدارية بعدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة النظم واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة، ودعاوى التعويض الموجهة إلى الحكومة بسبب أعمالها والدعاوى المقدمة في المنازعات المتعلقة بالعقود الحكومية.. إن قضاء الديوان يعتبر حارسا أمينا في مواجهة سلطان الإدارة الحكومية ويمثل ميزان العدالة بين الحكومة والمجتمع يجب أن تسخر له كل وجميع الإمكانيات الضرورية واللازمة لإنجاح مهمته.