بين شيعة القطيف وطائفية نجران طوابير متعرجة من السنة والمذهبية المعلنة والمخفية، وما يهمنا هنا ثقافة المجتمع النجراني لعل بقية المناطق تستنسخ هذه الطائفية الأخوية المندمجة في لوحة واحدة. قد لا يصدق أحد أن منطقة نجران تشتمل على تعددية طائفية غير موجودة في بقية المناطق، ففيها السنة والزيدية والإسماعيلية والتعددية اليامية وبقية طوائف لا أريد التوقف عندها، وإنما أتوقف عند الحياة الاجتماعية البسيطة التي يعيشها كل من يمر بهذه الديار سواء للعمل أو للزيارة أو للفسحة. في نجران تجمعات في الأعراس وفي المناسبات... أفراحهم خليط ورقصاتهم رجولية وثفافتهم وحواراتهم في حدود الوطن الذي يعلو ولا يُعلى عليه.. في نجران مقومات مجتمع متمدن متحضر لا تشعر بتباعد المذاهب ومسافات اللهجات ولا تشعر بوحشة المكان فالكل يدعوك والكل يفتح بابه وصدره دون تصنيف. هل السبب في هذا المجتمع المثالي القيادات الرسمية بعدلها ووعيها أم السبب رموز هذه الطوائف التي غرزت فيهم الحب والتآلف؟ المحصلة إن تجربة نجران تعتبر أنموذجاً يحتذى به، ففي بعض المناطق نعرة جاهلية وتنافر وتصنيف وفوقية و«عنطزة» على «فاشوش»، وهذه توغر الصدور وتؤثر على وحدة الوطن وتشرخ جدار الصد من غزو الخارج المتربص. بين شيعة القطيف وطوائف نجران مسافة تقارب نبنيها بتقوى الله وبالتفكير في المصلحة العامة، ولا تغرِنا نتوءات متسلقي المنابر في زمن «الرويبضة».. شكراً لقبائل يام، وسلام مربع لنجران وأهلها.