كم هو ممتع أن تتابع بعض المغردين السعوديين، الذين تقودهم الأيديولوجيا، فهم أعضاء فاعلون في تنظيم الإخوان المسلمين، وأكرر هنا أن اسم التنظيم، وربطه بالإسلام لا يعني أكثر من مزايدة، تهدف إلى اللعب على وتر المحافظة الشعبية، ومع أن هذا الأمر كان معروفا منذ زمن طويل لمن يعرف التنظيم جيداً، إلا أن الثورات العربية كشفت التقية التي كان يختفي وراءها أعضاء التنظيم المحليون، فمع فوز حزب النهضة في تونس، والتنظيم الرئيس للإخوان في مصر انكشف المستور، وزالت التقية، فلا شيء يعدل تحقيق الحلم الأزلي للتنظيم في السيطرة على الحكم، وإقامة الخلافة الإسلامية على أكبر مساحة ممكنة من رقعة العالم الإسلامي. لست هنا ضد التنظيم كحزب سياسي له الحق في ممارسة السياسة، مثله مثل أي حزب آخر، ولكني وغيري كثير ضد أن يتلبس التنظيم بالإسلام، ويقصي غيره باسم الدين، ويحاسب معارضيه على أنهم يعارضون الدين، ويزعم أن انتقاد أي من أعضائه هو انتقاد للدين، وهذا ما يجري في تونس ومصر حالياً، فتنظيم الإخوان لم يتخذ أي قرار إستراتيجي في مصر - على سبيل المثال - يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي تعهد بها النظام السابق، ومع ذلك فإن هناك من لا يزال يكابر، ويزعم غير ذلك، وأبرز هؤلاء هم أحباؤنا الإخوانيون في الخليج، وفي السعودية تحديداً، والذين كشفت وسائل التواصل الاجتماعي تناقضاتهم بشكل واضح وفاضح. هؤلاء المغردون لا يتوقفون عن النقد لكل قرار تتخذه الدول الخليجية التي ترفض أن تسير في فلك التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ويتعامون تماماً عن الدول التي تساير التنظيم، بل ربما تسير في فلكه، وترسم له الخطط المستقبلية، وهنا تكون تناقضاتهم جلية، فالذين يقيمون الدنيا من خلال تغريداتهم في تويتر على مهرجان الجنادرية السنوي في هذه العاصمة الخليجية، يتعامون تماما عن حفلات المجون في عاصمة خليجية أخرى، وحتى عندما يحرجهم المتابعون بالتساؤل عن هذا التناقض الفاضح، تجدهم يكتفون بإلغاء متابعة هذا المتسائل، فالمطلوب منك أن تكون متابعاً مغيباً، لا تسألهم عما يفعلون، تماماً كما يفعل قادتهم مع الشعوب التي يحكمونها الآن، والغريب أن أحد كبرائهم لا يتوقف عن نقد المملكة. هذا، ولكنه عندما يستضاف في فنادق السبع نجوم في دولة خليجية أخرى يتحول، وهو المعروف بتشدده، إلى إنسان متسامح، لا ينبس ببنت شفة، مهما كانت المنكرات واضحة أمام ناظريه، في تناقض يجعل الحليم حيران، ومع ذلك ما زالوا يتلاعبون باللغة التي يكتبون بها، ويستقطبون المزيد من المتابعين!، وخلاصة الحديث هي أن هؤلاء المتناقضين لا ينتقدون الأوضاع هنا في المملكة من باب المصلحة الوطنية، فما يقومون به هو معارضة سياسية مكشوفة تتلبس بالدين، وتستغل المشاعر الدينية للمواطن في سبيل ذلك، وقد قال ذلك أحدهم علنا في إحدى تغريداته الشهيرة.