على طريقة "من دون ربعي لو أقطع شراييني" خلص الكاتب في "الشرق" خالد السيف إلى سؤال كبير، بعد أن أجزل المديح على "بلدياته" الروائي يوسف المحيميد: أين هم إخوة يوسف، أخشى أن أكلهم الذئب؟ فعلا، لقد أكلهم ذئب "المناطقية" يا أستاذ خالد، ولم تعد تراهم بالعين المجردة، فصاحب ال"بوكر" وناظمة طوق الحمامة وغيرهم من الرواد والمعاصرين الذي أمضوا عمر أحبارهم في عالم الرواية ماتوا في عين صاحبنا البريداوي. ويبدو أن السيف حين لبس ثوب الناقد، أخطأ ولبس ثوب "البريداوي"، أقصى كل التجارب واحتفى بتجربة واحدة، كلنا نحترم اليوسف ونقدر ما قدمه، لكن هذا لا يعطي الكاتب الحق بأن يجعل كل من كتب الرواية هامشا عند المتن المحيميد. قبل ذلك، كتب السيف مقالا عن عبدالعزيز قاسم، تلا على روحه سورة الفاتحة كإعلامي شاشة، ولولا أن قاسم يتفق الملأ على أنه مذيع وصل إلى الكاميرا على غفلة من الزمن؛ لقلنا إنه يمارس ذات العنصرية المقيتة. ولأني لا أعرف السيف شخصيا، فقد استشرت صديقي البريداوي أيضا أحمد العرفج، فنصحني أن أتخلى عن الفكرة، لأني لا أملك مسوغا يثبت إدانة السيف ب"المناطقية"، واستبعد العرفج تماما فكرة أن يكون السيف "عنصريا"، بل إنه راح يشدد على رأي السيف وأن المحيميد هو الروائي الأفضل والأكثر عمقا. حينها عرفت أني مارست نوعا من الغباء حين سألت بريداويا عن بريداوي ثان قال رأيه في بريداواي ثالث، وقررت في هذا الوقت أن أمارس حجازيتي وجنوبيتي معا للتصدي لهما، رغم قناعتي بأن تفضيلهما للمحيميد لا ينطلق تماما من قاعدة عنصرية، لكن الإقصاء للتجارب الأخرى هو قاعدة مقالي. فحين يكون الحديث عن المكان الأفضل سياحيا أو المنطقة الأجمل للعيش، للشخص كل الحق أن يتمترس خلف "مناطقيته"، لكن حين يكون الحديث عن الأدب، فالمفترض أن لا يحضر إلا الأدب والإنصاف.